علي حسين
من حذاء عالية نصيف " الذهبي " إلى بدلة محمد الحلبوسي.. كنت ولم ازل أتصور أن ما يجري في هذه البلاد نوع من انواع الكوميديا السوداء،
غير أنه بات من الواضح أن منطق "السذاجة السياسية" لا يزال يسيطر على حياتنا .
فالسيد رئيس مجلس النواب قرر "مشكورا" أن "يهندم" الصحفيين، ويفرض على الاعلاميين الذين يتابعون انشطة البرلمان الزي الرسمي، ومن لا يرتدي "قاط وربطة ويلبس ساعة رولكس" ممنوع من دخول جنة البرلمان.. لماذا ياسيدي الرئيس ؟.. يأتيك الجواب جاهزا: لان قادة اوروبا يقفون بالصف للقاء السيد محمد الحلبوسي داخل قبة البرلمان، ولان مجلس النواب يعيش عرسا عربيا وعالمياً. وهذه المكانة العالمية المرموقة وصل إليها العراق نتيجة حاصل جمع 328 نائبا لا يريدوننا أن نغادر عصر المحاصصة السياسية، وكما تعرف جنابك فإن وراء هذا الإنجاز الكبير منظومة متكاملة تحارب على أكثر من جبهة لكي تضع العراق في قاع سلّة بؤساء العالم، منظومة تعمل في تناغم بديع من ابو مازن الذي أصبح يشتري ويبيع بكراسي البرلمان، إلى قائمة المحور الوطني التي تريد أن تفرض رجالها ولو بقوة السيف، إلى اصلاحيي البرلمان الذين لا يزالون يمارسون هواية التزلّج على سطح المحاصصة.
أعرف أن البعض من الاعزاء سيقول : يا رجل ألا تفرح أن بغداد ستستعيد وهجها الدبلوماسي الرسمي؟.. اعذروني ايها السادة فـ " جنابي " سيرقص فرحا لو ان بغداد استعادت ألقها وفنونها وثقافتها ووهجها الحضاري وتخلصت من قائمة ميرسو التي وضعتها في خانة اسوأ المدن في مجال الخدمات .
تُعرِّف الأمم المتحضرة، أو التي يتمتّع ساستها بالحد الأدنى من سلامة القوى العقلية والحسّ الإنساني والوطني، البرلمان بأنه المكان الذي يجتمع عليه كل المواطنين، في هذا البلد أو ذاك، ليجعل حياة الجميع أفضل، من خلال إحداث نوعٍ من النهوض المتكامل، يستهدف الارتقاء بحياة المواطن العادي، وإنعاش حظوظه في العيش بكرامة، في ظل ساسة يحترمون حقوقه الأساسية في الحرية والعدل والعمل.. لكن للاسف ما نتابعه في جلسات مجلسنا الموقر يؤكد ان بنية النظام السياسي في العراق لا تريد ان تغادر حالة الصفقات التي يتحول فيها البعض من انسان مغمور ومفلس إلى صاحب مشروع استثماري يدر الملايين من الدولارات .
يا سيدي رئيس البرلمان المحترم، أرجو من معاليك أن تترك الاعلاميين في حالهم، وإذا كان مفهوم الازدهار لدى جنابك يتمثل في بدلة رسمية، فالله المستعان، لا نريده، وإذا كان التطور مستمدّ من قرارات قرقوشية، فأرجوك اعفينا من أن نعيش في نعيم بدلات "معاليك".