لم يشأْ أحد مستشاري رئيس الوزراء أن يسمّي أي مسؤول متورّط في صفقة الأسلحة الروسية التي ألغيت في الأيام الأخيرة بسبب الفساد فيها، واكتفى بالقول إن رئيس الوزراء "فتح تحقيقاً" في القضية بعدما سعى لتمجيد ما قام به رئيس الوزراء وهو إلغاء الصفقة، فالمستشار أبلغ إحدى الوكالات بأن رئيس الوزراء بعد عودته من السفر من موسكو "نظر إلى بعض شبهات الفساد التي شابت الصفقة، وقرر إلغاءها وإعادة النظر بصورة كاملة ابتداء من التعاقد والأسلحة ونوعيتها إلى اللجنة المشرفة على العقود".
عدم الإفصاح عن الأسماء تصرفٌ صحيح مادامت القضية في طور التحقيق ولم تُعرض على القضاء بعد أو لم يقل رأيه فيها، بل من المفترض أن يكون القضاء هو الجهة الوحيدة المخولة بتوجيه الاتهام وإجراء التحقيق وإصدار الأحكام والكشف عن المذنبين والأبرياء.
من المفترض أيضاً ان الفساد في هذه الصفقة ثابت وواضح وضوح الشمس في رابعة النهار كما قالت العرب قديماً، فلو لم تكن كذلك ما أصدر رئيس الوزراء قراراً بإلغاء الصفقة. ولكن هل لامتناع مستشار رئيس الوزراء عن الكشف عن أسماء المتورطين علاقة بالاصول والقواعد والاخلاقيات المتصلة بالقضايا الجنائية أم أن له صلة بسبب آخر واعتبار آخر؟
للأسف ان واقع الحال يُرجّح الاحتمال الثاني بقوة، فمنذ بضعة أسابيع حتى الآن يُظهر رئيس الوزراء ومكتبه حماسة منقطعة النظير ليس فقط لاتهام محافظ البنك المركزي الدكتور سنان الشبيبي، وهو من أكثر المسؤولين الكبار في دولتنا نزاهة ووطنية، بالفساد المالي والاداري وانما أيضاً لاتخاذ إجراءات سريعة ضده وضد عدد من مساعديه وموظفي البنك المركزي، بما فيها إقالة الشبيبي من منصبه أثناء ما كان يمثل البلاد في مؤتمر دولي، وإصدار الأوامر بالقبض عليه عند عودته.
هذه الإجراءات في مجملها لم تكن شرعية باعتراف لجنة النزاهة في مجلس النواب، فعضو اللجنة النائب عزيز العكيلي صرح أمس بان اللجنة التي شكلها البرلمان للتحقيق في قضايا الفساد المنسوبة إلى إدارة البنك المركزي "غير قانونية"، موضحاً أن تشكيلها "جاء مخالفاً للقانون رقم 83 من نظام مجلس النواب، الذي ينصّ على أن يكون تشكيل اللجان المؤقتة من خلال طلب يتقدم به 50 نائباً أو عن طريق التصويت عليها داخل البرلمان"، فيما شُكلت اللجنة "عن طريق هيئة رئاسة البرلمان وضمت عضوين من حزب واحد وهو أمر مستغرب" بحسب قول النائب الذي أكد ان البرلمان سيشكل لجنة تحقيق جديدة على أنقاض اللجنة غير الشرعية تلك.
لماذا يبدو مكتب رئيس الوزراء متقيداً بالأصول والقواعد والأخلاقيات في ما خص صفقة الأسلحة الروسية الفاسدة ولم يكن كذلك في قضية البنك المركزي؟
الجواب عند لجنة النزاهة البرلمانية التي كان لها الفضل في الكشف عن الفساد في الصفقة الروسية، فرئيس اللجنة النائب بهاء الأعرجي ألمح في تصريح له بشأن الصفقة الى ان أغلب المتورطين في هذه الصفقة قريبون من مكتب رئيس الوزراء.
وإذا عُرف السبب بَطُل العجب.
جميع التعليقات 1
ابو علي الزيدي
يبدو ان كل الكتل والاحزاب التي عن منعت وعرقلت سحب الثقه عن المالكي وحكومته مستفيدون من المهرجان المتواصل للفساد العفن الذي يتحث به العالم اجمع وصار بحكم الاكيد انهم لا يريدون بناء دوله اسمها العراق لأنهم مشروع ليس عراقيا انما هم عباره عن مشروع مشبوه لتدمي