يبدو أن الشبهات بشأن صفقة الأسلحة التي ابرمها رئيس الحكومة نوري المالكي مؤخراً مع روسيا أصبحت مثار خلاف حقيقي في البلاد، فالأنباء المتواترة بشأن الصفقة المذكورة تؤكد بصورة او بأخرى ضلوع مسؤولين حكوميين وقادة أحزاب عراقيين وروس في كواليس الاتفاقات التي سبقت إبرام تلك الصفقة لقاء عمولات فاقت مئات الملايين من الدولارات.
مصادر مطلعة في التحالف الوطني ألمحت إلى أن ااحد النواب المقربين من المالكي قد يكون احد ابرز المتورطين في فساد صفقة السلاح الروسية، وتؤكد المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها لـ"المدى"، إن هذا النائب وقيادات حزبية "متورطون في هذه الصفقة التي تمت بعجالة بضغط من إيران".
وبشأن الاطراف الحكومية الأخرى المتورطة قالت المصادر إن هناك معلومات تفيد بتورط احد الوزراء أيضاً الذي سبق وان زاروا العاصمة الروسية. وتعترف المصادر بأن المسألة لا تتعلق فقط بالجانب العراقي فقط، فالتورط طال الجانب الروسي، مبينة "أن شقيق الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) متورط أيضاً في صفقة السلاح المذكورة".
ولم تخف المصادر حيرة المالكي بشأن التطورات التي رافقت صفقة الأسلحة وتقول "منذ البداية كان رئيس الحكومة غير مقتنع بإبرام الصفقة، لكن الضغوط الإيرانية أجبرته على الذهاب الى روسيا فضلاً عن تأخر الإدارة الأميركية بتجهيز قواته الأمنية بالأسلحة التي سبق أن ابرم عقودها معها لا سيما صفقة الطائرات الحربية 16F".
يذكر ان زيارة رئيس الوزراء الى روسيا الشهر الماضي، كانت الاولى من نوعها بعد الاحتلال الاميركي 2003، وقد اثارت الكثير من الجدل بين السياسيين، لاسيما انها جاءت بعد زيارة وزير الدفاع الإيراني احمد وحيدي الى العراق.
مصدر آخر مقرب من إيران أكد لـ"المدى"، إن زيارة وحيدي الى بغداد "كانت هي السبب وراء ذهاب المالكي الى روسيا وإبرام صفقة السلاح"، وقال "ان وحيدي زار المعسكرات العراقية واطلع على حاجة حكومة المالكي الى الأسلحة خلال المرحلة المقبلة" بحسب تعبيره. واشار مصدر هذه المعلومات الى "حصول زيارات متبادلة بين العراق وايران بهذا الشأن وعلى المستوى السياسي والحزبي من اجل الإسراع بإبرام الصفقة المذكورة.
ووقع المالكي والوفد المرافق له في موسكو على صفقة السلاح بقيمة 4،2 مليار دولار لتصبح روسيا اكبر مورد سلاح بعد اميركا. وشملت مفردات الصفقة تجهيز طائرات قتالية ومروحيات هجوم وأنظمة صواريخ ارض – جو.
من جهتها طالبت لجنة النزاهة البرلمانية المالكي بإيقاف صفقة السلاح واعادة التفاوض مع روسيا من خلال لجنة يتم اختيارها لهذا الغرض.
وقال رئيس اللجنة بهاء الاعرجي خلال مؤتمر صحافي عقده الخميس الماضي إن لجنته أرسلت كتاباً الى المالكي تطالبه بايقاف الصفقة واعادة التفاوض من خلال لجنة، يتم اختيارها بدقة ومهنية وشفافية.
ووصف الاعرجي صفقة السلاح العراقية الروسية بالـ"مشبوهة"، مؤكدا ان "اللجنة وجدت في الصفقة شبهة فساد".
وسبق لزعيم التيار الصدري أن اعتبر، صفقة السلاح "فئوية وليست وطنية، وإنها ضياع للمال العراقي"، داعيا البرلمان إلى التحقق من تلك الصفقات، لكن القيادي في التيار الصدري وعضو لجنة الأمن والدفاع حاكم الزاملي عزا اعتراض زعيم كتلته على صفقة الأسلحة إلى أنه يعود لشبهات الفساد المالي التي تلف اغلب العقود من هذا النوع.
وقال الزاملي لـ"المدى" ان "سبب اعتراض الصدر وكتلة الأحرار يعود إلى أن غالبية العقود السابقة والحالية يشوبها الفساد والشبهات في طريقة إبرامها"، واستغرب الزاملي "وجود شخصيات لا علاقة لها ضمن الوفد الذي رافق المالكي الى روسيا من اجل ابرام الصفقة".
موضحاً "هناك وسطاء يعملون كنواب في البرلمان (لم يسمهم) مهمتهم المتاجرة بأموال الشعب العراقي من خلال صفقات وعقود يحصلون من خلالها على عمولة قد تصل الى مئات الملايين من الدولارات". ويعترف عضو لجنة الأمن والدفاع بـ"ان لجنته لا علم لها ببنود الصفقة او الميزانية المخصصة لها".
ولا يخفي الزاملي "حرص الصدر أن يكون العراق بمستوى التحديات التي تواجهه لاسيما ما يتعلق بالملف الأمني، من خلال تجهيز المنظومة العسكرية بأحدث الاسلحة ومن مصادر مختلفة".
وتسعى الحكومة إلى تسليح الجيش العراقي بجميع صنوفه، حيث أبرمت عقوداً مع عدد من الدول المصنعة للأسلحة المتطورة خاصة الولايات المتحدة الأميركية لغرض تجهيز الجيش من مدرعات ودبابات مطورة وطائرات مروحية وحربية منها F16 التي تعد أميركا بتجهيز العراق بها.