TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الشعب في خدمة الشرطة

العمود الثامن: الشعب في خدمة الشرطة

نشر في: 16 يوليو, 2019: 08:35 م

 علي حسين

لو أن حفلة تعذيب مواطن وقتله بدم بارد في مركز شرطة النجف تمر، من دون عقاب صارم لمنفذيها، فقد لا نستبعد ان تتحول مراكز الشرطة

الى دوائر تنفيذ الأحكام بحجة ان شرطتنا المغوارة تخاف على التقاليد وتحترم السلم الاجتماعي، وتريد تنفيذ شريعة أولي الأمر.

الخبر الذي نشرته وسائل التواصل الاجتماعي يقول: ان مواطنا من اهالي النجف، تم اعتقاله، ولكي يعترف بجريمته مورست معه شتى صنوف التعذيب، ولم يكتف مغاوير الشرطة بذلك، فقرروا تنفيذ حكم الاعدام به.

ما بين بيان محافظ النجف الذي اخبرنا انه سيحقق في الامر، وبين بشاعة القصاص من سجين، تعيش الناس اليوم في ظل افراد واجهزة يعتقد كل منهم ان له الحق في تنفيذ قانونه الخاص، قد تكون هناك جرائم تستحق العقاب، لكن المؤكد ان العقوبة يجب أن تأتي بأمر من القضاء، لا بأمر من ضباط يعتقدون أنهم فوق القانون وفوق الشرائع، عندما يصر البعض على تنفيذ قانونه الخاص، فأغلب الظن أننا ننجرف إلى هاوية لا نهاية لها.

لعل الأخطر في واقعة تعذيب السجين وموته، ليس أن أفرادا من الشرطة قرروا أن يكونوا هم الدولة وهم القانون، بل هو صمت الدولة على مثل هذه الافعال الاجرامية .

اليوم الناس تعيش في ظل أجهزة أمنية هي عبارة عن خلطة منتقاة من تصرفات استفزازية وشتائم جاهزة وجهل تام بقواعد السلوك الاجتماعي، تلك هي مؤهلات البعض من قوانا الأمنية بعد أن صرفت لهم الدولة مجموعة من العبارات المحفوظة في علب قديمة من عينة "وين رايح"، "الأخ من يا عمام"، فتشعر أنهم جميعا، يرددون هتافا واحدا، ويرتدون ثوبا واحدا، وفي يد كل منهم عصا غليظة يخرجها في اللحظة التي يشم فيها رائحة اختلاف مع ممارساته اللاشرعية.

مرة أخرى قد اتفق مع القائلين إن هذه وقائع فردية، لكنها في النهاية تبقى رسائل رعب تبثها أجهزتنا الأمنية التي نراها وديعة خانعة أمام سلاطين الفساد وأمراء المليشيات وسراق البلد، وصنديدة مغوارة مع المواطن المغلوب على أمره.

لقد عملت البشرية منذ عقود على اختراع اسمه الدستور الذي هو عقد اجتماعي بين المواطنين جميعا، ينتقل من خلاله المجتمع من حالة الفوضى واللاقانون، إلى حالة النظام والتحضر والعدالة التي تطبق على الجميع، وهذه هي الضمانة الوحيدة لاستمرار الحياة، ومن دون ذلك سيتحول المجتمع إلى غابة يفرض فيها القوي قانونه الخاص على الضعفاء.

لعل أفظع ما في الأمر أن مشهد قتل المواطن تحت سمع وبصر الدولة يكشف لنا أن كل ما قيل عن المواطنة والقانون هو كلام من قبيل الاستهلاك اليومي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram