اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > الافتتاحية :العصرنة الفضائية لـ وعاظ السلاطين: القرضاوي.. عمامة الجزيرة!

الافتتاحية :العصرنة الفضائية لـ وعاظ السلاطين: القرضاوي.. عمامة الجزيرة!

نشر في: 11 إبريل, 2011: 07:18 م

فخري كريم

(1)

مرت أمس الأول ذكرى " الولادة " القيصرية للعراق الجديد ، على أنقاض أعتى  نظامٍ استبدادي وفوق ركامٍ من التضحيات الهائلة للشعب العراقي.

لقد حال  الاختلال في التوازن بين الآلة العسكرية والأمنية وبطش السلطة وكامل عدة  وعدد الدولة الإرهابية  من جانب وضعف إمكانات العراقيين من جانب آخر دون  التمكن من إسقاط الطغيان بالاعتماد على  أدوات الشعب العراقي وإرادته الحرة  ..

كما ساعد اصطفاف اغلب الأنظمة العربية والأحزاب والمنظمات القومجية والإسلاموية ورهط من المرتزقة حملة الكوبونات الى جانب صدام حسين ، في عدم تمكن العراقيين من تحقيق هذا الهدف والمراد الوطني النبيل إلا عبر الحرب التي هيأ الطاغية برعونته ونهجه الإرهابي وسياساته العدوانية المغامرة الظروف الموضوعية الملائمة لشنها على العراق ووضع العراقيين تحت ويلاتها وعواقبها الوخيمة .

لقد اعتبر الشعب العراقي نهاية الدكتاتورية ، ولو بوسيلة لا يرتضيها أو يشجع عليها ، حلماً تحقق في نهاية الكابوس ، وأعرب منذ لحظة سقوط الصنم ، انه يستنفر قواه للتعامل مع الاحتلال ، الذي فرض هو الآخر بممانعة عراقية ورضا عربي .. وشرع العراقيون بتضافر جهود القوى الايجابية في المجتمع، بإعادة بناء الدولة المخربة وإرساء أسسها ديمقراطياً وتهيئة شروط إنهاء الاحتلال والتخلص من تبعاته وعواقبه .

 وعلى الضد مما هي عليه ، هاجت قيادات وأنظمة عربية " ممالئة " للولايات المتحدة ومتحالفة وشريكة إستراتيجية معها في المنطقة على العراقيين الذين "قبلوا" بـ" الاحتلال "، وجيشت فضلات النظام المنهار من البعثيين الصداميين  والمسلحين التكفيريين والمرتزقة وفلول القاعدة  " لمقاومة " المحتل  و" تحرير " العراق من " أذنابه وعملائه " مستهدفة بهذا التوصيف، كل الوطنيين العراقيين، الذين اعتبروا سقوط الدكتاتورية ، بداية عهد وطني جديد.

   وتوفرت للحملة الانكشارية الجديدة التي جابهت العراقيين بعد سقوط الطاغية، متطلبات خوضها واستمرارها : المال والسلاح ومعسكرات التدريب ووسائل التسلل الى البلاد والدعم اللوجستي ، والحرب الإعلامية ، وتوزعت المهام بين الأنظمة العربية المعنية وأدواتها البشرية التنظيمية بتنسيق مباشر عبر أجهزة المخابرات ، أو بتواطؤات ضمنية ، وتمخض ذلك عن إشاعة إرهاب لا سابق له بين العراقيين، اذا استثنينا إرهاب دولة البعث، وانتشر الخراب والتدمير والموت في سائر أنحاء البلاد ، بعيداً عن معسكرات " المحتلين " ومناطق تجمعاتهم ، ولم تصبهم النيران " المقاومة " إلا بالصدفة ، ولربما كانت تلك المصادفات للتمويه. وكان بعض دعاة " المقاومة " من الساسة "ينهدّون" في النهار على" المحتلين " ويختلون في الأمسيات والليالي مع أركان السفارة الأميركية وقادة قواتها ، ويحملون معهم طلبات تأمين حمايتهم وضمان نشاطهم الفعال في الحياة السياسية " المعارضة " للاحتلال " .!

(٢)

في هذه الحملة المعادية للشعب العراقي ، تحت غطاء "مقاومة الاحتلال " ظهر في الواجهة ، " إمام الدوحة " ومفتي مشايخ قطر وإمارات ودول أخرى ، يوسف القرضاوي رئيس مجلس إدارة عشرات الصناديق الإسلامية العالمية ، وحامل المفاتيح الدينية  لقادة دولة قطر ومشايخها في الربوع العربية والإسلامية ...وفيما كانت قطر تضم على أراضيها اكبر قاعدة عسكرية أميركية ، مدججة بأحدث الأسلحة والأعتدة والتكنولوجيا العسكرية التي لا وجود لها إلا في الولايات الأميركية وإسرائيل، فقد كانت منطلق الطائرات العسكرية في حروب الخليج الأولى والثانية والثالثة التي انتهت بسقوط النظام الدكتاتوري في العراق ، وفيها أيضا تقع مكاتب قيادة القوات الأميركية التي تدير العمليات في العراق وأفغانستان وتطل على المنطقة جميعها .ومنها انطلقت شحنات القنابل الذكية أثناء العدوان الإسرائيلي صيف ٢٠٠٦ على لبنان لاستخدامها في عملية تدميره .

لم تكن الواجهة لتكتمل ، دون قناة الجزيرة ، هذه الأداة " التحررية " المعادية للاستعمار والاحتلال والداعية النشيطة الى حرية الشعوب ورفع الظلم عن المحرومين في كل مكان ، بدت وكأنها في هذا الدور العالمي ، توأما كفءاً لدور مال القذافي في تحريض الأمم على النهوض من خلال مثابته العالمية . ,وما كان للجزيرة، لكي يكتمل دورها، سوى استخدام القرضاوي الذي أصبح  ظهوره الوجه الآخر " الشرعي والفقهي" لقناة الجزيرة، وبات هذا "الشيخ" داعيتها المتفردة وآلتها الصدامية على كل صعيد . وكلاهما، الجزيرة والشيخ، استخدمتهما قطر بدور المحرك للفتن الطائفية  والمحرض على كل ما لا يستقيم مع أهداف رعاة الجزيرة وقناتها ومفتيها، وبدور بدا مرسوما بوضوح .

لقد واجه الشعب العراقي الجرائم التي روجت لها قناة الجزيرة بعد سقوط صدام وأفتى بها دون وجل أو وازع من ضمير مفتيها القرضاوي ، وكان الدور الأبشع في هذا هو ما فعلته الجزيرة وشيخها المريب في الفلوجة المغلوبة على أمرها ، وفي تغطية نشاطات القاعدة وفلول البعثيين والتكفيريين في مختلف مناطق العراق تحت الواجهة المثلومة والمشبوهة التي رفع شعارها شذاذ الآفاق " المقاومة " وراح ضحيتها الآلاف من المواطنين من جميع المكونات والملل دون استثناء طائفة أو دين أو مكون .

 هذه الأيام يتابع الناس الفتاوى الناقصة للقرضاوي حول جواز التدخل الأجنبي في ليبيا " دفاعاً " عن الشعب الأعزل في مواجهة الطاغية ، كما تتكشف أدواره الطائفية في ما عبر عنه من مواقف حول ما جرى في مصر حسني مبارك ، وفي توصيفه الطائفي المقيت لما يجري في سوريا ، وكذلك الأمر بالنسبة لمواقفه من الثورة اليمنية أو الحراك الذي جرى تمهيداً لها ، وهو ذات الموقف الذي تتبناه قناة الجزيرة ، وأحيانا المواقف الرسمية للقيادة القطرية ، كما هو الحال في سياستها ومبادرتها إزاء ليبيا واليمن .

إن القرضاوي المقيم على مبعدة كيلومترات من القاعدة العسكرية الأميركية لا يكاد ينبس ببنت شفة عن هذا الجار، أو يأتي على ذكره، ولو من باب المعلومات .! إما التطرق الى حال (الدولة القطرية التحررية العظمى) مضيفة القواعد والسفارات ومراكز الاستخبارات ومباذخ شيوخها ، وعلاقتهم بإسرائيل المحتلة للحرم الإبراهيمي الشريف وللقدس ،القضية الأسمى للعرب والمسلمين ، فهي كلها من باب المحرمات التي لا يجوز الخوض فيها شرعاً !  إلا اذا وصل الى ميدان التحرير أثناء الاعتصام وخطب في الشباب الثوار الذين لم يكن له أثر في ثورتهم داعياً الجماهير الى الزحف نحو القدس متجاهلاً هموم مصر وأولوياتها ، مع انه كان قبلها بسنوات قد تدخل دون أدنى شعورٍ بالمسؤولية في الشأن الفلسطيني مغذياً الانقسام بدل أن يستغل علاقته لتوحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الصراع ، فتناول الآخرين من غير " حماس " وهدر دمهم، هو ونائبه في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين محمد سليم العوا،.......وليس من أمر أكثر ترويعاً على يوسف القرضاوي من التطرق الى الميل الفطري لأمراء الجزيرة لقضاء إجازاتهم في ربوع الصديقة إسرائيل ، ومنهم الأثير على قلب القرضاوي وولي نعمته المباشر وموجه شؤونه السياسية وزير الخارجية  الشيخ حمد الذي يفخر بأنه فتى أمريكا واسرائيل المدلل في المنطقة والمتبرم من حسد الساسة وغيرتهم من دوره هذا.

(٣)

 في آخر بروز له ، لم يتحفظ شيخ الجزيرة الجليل حتى في صيغة فتواه عن التعرض الذي جرى للمحتجين البحرينيين ، فجاء تحريضه الطائفي المبتذل وهو يصف الجماهير المعتصمة ، وفيهم السنة والشيعة ، إسلاميين وعلمانيين وقوميين ، كأبلغ دليلٍ على وشايته وهو يتهمهم بقاعدة الفتنة الإيرانية ، مقرناً فتواه بالدخول" العسكري الظافر" لدرع الجزيرة، وكأن هذا الزحف المقدس ليس الا تمهيدا لتحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين ، ولا شائبة أو شبهة طائفية عربية فيه .

إن القرضاوي يكرس نفسه  بمواقفه هذه ، مفتياً بلا منازع للفتن الطائفية .

كان منظر القرضاوي وهو يؤم ساحة التحرير في القاهرة ، دون دعوة من شبيبتها التي أشعلت فتيل الثورة  يؤهله ليكتسب بجدارة لقب محرف الثورات وكاسر الانتفاضات .  إسألوا وائل غنيم  الثائر المصري الشاب عن الإساءة التي تعرض لها في ميدان التحرير من مرافقي القرضاوي وتحت سمعه وبصره، وبمرأى مشاهدي كل الفضائيات ..في هذا الحادث لم يتعد القرضاوي دور اللص المعمم في مواجهة فتى شجاع..لم يدع الفتى أنه الصانع الوحيد للثورة لكن الشيخ كان يريد وضع الثورة ومنجزها في جيب جبته التي انطلقت منها الشرور.

 والسؤال الذي لطالما تردد في المجالس والمجادلات السياسية :

من هو مهندس الإستراتيجية القطرية وقناتها التلفزيونية ودورها العربي والإقليمي ، بل وحتى الدولي ، وما هي الأهداف البعيدة لهذا الذي تفعله ولخدمة أي مصالح .؟

هل أن وراء ذلك مجرد خبير أميركي مأجور ؟

 وفي هذا الإطار هل القرضاوي هو مجرد واعظ مستأجر لإشاعة الفرقة وتغطية الانحرافات والعلاقات المشبوهة والمواقف القطرية الملتبسة ؟

هل القرضاوي مصمم وناشر فتن طائفية مرضاةً لهوى حاكم مهووس بالفتن؟

هذه الأسئلة ليس من الصعب مصادفة إجاباتها داخل المنظومة نفسها:الجزيرة وصاحبها وشيخها، ومن السلوك السياسي الموجه للقناة و(دولتها العظمى)..لكن الذي ساعد الجزيرة على هذا الحضور، وسهل مهمة رجالها وشيخها هي كل الأنظمة العربية التي كانت تقدم مادة إعلامية مثيرة للشهية، بطغيانها وانحرافها وجرائمها، وكانت الجزيرة انتقائية في التعامل مع طبق الفضائح العربي وأمام جمهور متعطش لأية معلومات تحجبها الانظمة العربية ولو كانت مدافة بالسموم التي تنفثها جزيرة قطر، وقد وفقت الظروف رجالها ليتحولوا من حال معروف الى رعاة سياسة العرب.ما أتفه الأقدار!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

واشنطن تحذر بغداد من التحول الى "ممر" بين ايران ولبنان

تقرير أمريكي: داعش ما زال موجوداً لكنه ضعيف

انتخابات برلمان الاقليم..حل للازمات ام فصل جديد من فصولها؟

صورة اليوم

المباشرة بتطبيق الزيادة في رواتب العمال المتقاعدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الستراتيجيّةُ العمياءُ وراءَ فاجعةِ الكرّادة..

في حُمّى "الهَلْوَسةِ السياسيّةِ" استرخى وزراءُ "الغَمْغَمَةِ" واللَّك..!

بينَ اليأسِ والإحباط مساحةٌ مضيئةٌ للصمت ..!

الموت حين يُصبح طقساً عابراً بلا مراسيم تشييع للفقراء .!

"بــيــروت مـــديـنـتــي".. وعـيـــنٌ عـلـــى بــغــداد ...

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram