علي حسين
فى البداية وقبل هذا التاريخ بأكثر من عشرة أعوام، كنت مثل كثيرين يبحثون عن الغريب والمثير في عالم السياسة العراقية،
كان هذا قبل أن تنفجر حنفية المضحكات بأشكالها وألوانها البراقة "عباس البياتي.. خالد العطية.. محمود الحسن.. عتاب الدوري..علي حاتم السليمان.. عواطف النعمة.. محمود المشهداني.. حنان الفتلاوي.. صالح المطلك وعشرات غيرهم"، كانوا معينا لي في الاستمرار بكتابة عمود يومي، طبعا لا يسعني إلا أن أوجه الشكر الخاص للسيد إبراهيم الجعفري الذي تفوق على الجميع ، وأثبت أنه المؤسس الحقيقي لمدرسة الكوميديا السياسية في العراق.
بعد سنوات سنكتشف أن المهازل السياسية ليست موسما وينتهي، لكننا وجدنا مصابي وباء المهازل يتكاثرون وكأنهم يثبتون بالدليل القاطع أن هذه المدرسة لن تغلق أبوابها، وأن "جنابي" سيجد دائما موضوعا ساخنا يملأ به هذه الزاوية.
ولأنّ الله رحيم بعباده من العراقيين، فقد تلقيت بسرور بالغ الرسالة "الثورية" التي وجهها النائب أحمد الجبوري الملقب بـ "أبو مازن" والذي يحذرنا فيها من أن سيادة العراق في خطر والسبب المؤامرة "الدنيئة " التي تقودها الإمبريالية ضد عدد من "الكفاءات" العراقية من أمثال نوفل العاكوب صاحب المقولات "الحكيمة" من عيّنة "المطرك" و"التمضرط" ، وكان بالإمكان أن تنتهي الحكاية عند البيان الذي أصدره احمد الجبوري ، لكنّ المفاجأة الكوميدية هي إصرار أبو مازن على أن يحول الأمر إلى مسرحية كوميدية من طراز خاص، فالرجل بعد أن ينعى غياب الوطنية عند العراقيين لأنهم لم ينتفضوا من أجله، لانه يمثل "كرامة بلد وسيادة شعب"، يعلنها صريحا أنه سيصبح عميلا، فقد شعر باليأس من الوطنية ولهذا فمن: "ليس له بيت عمالة عليه أن يبحث عن بيت عمالة يؤويه".
تتذكرون كيف خرج علينا ذات يوم أحمد الجبوري "أبو مازن"، ليطالبنا بأن نعطيه ثلاثين مليون دولار كي يصرفها على الكاولية ! فهي في نظره أفضل من العملية السياسية التي لا تريد أن تعطي رجلاً بحجم"أبو مازن" حقه، فمنصب وزير ومحافظ، وعرّاب صفقة رئيس البرلمان ونائب أو نائم دائم على قلوب العراقيين ، لا تكفي مسيرة أحمد الجبوري الذي طالبنا بأن نسميه "الزعيم".
مهمة السياسي في دول العالم التي لا يمثل فيها النائب دورا كوميديا ، هي أن يرتقي بالعمل السياسي، ويضع هموم الناس تحت المجهر، ، لكننا في هذه البلاد ، نشاهد على الفضائيات مقاطع ساذجة لسياسيين تتميز بسوء التعبير والخلوّ من أي جملة نافعة ، لكنها في المقابل تجلب المنفعة لكاتب " مشاغب " مثلي ، مطلوب منه ان يرفع يديه الى السماء يشكر الله ليلا ونهار على أن رزقه بهذا النوع من السساسة الظرفاء .