عبدالله السكوتي يحكى ان احدى العوائل البخيلة استخدمت شخصا يدعى قرندل ، واخذت تشغله باعمالها الشاقة والمتعبة مثل قرندل اذهب الى السوق، قرندل اكنس الدار، قرندل اغسل الصحون والملابس، واخيرا قرندل دك الكبه، حتى اذا ما انتهى قرندل من جميع ماكلف به اخذ منه التعب مأخذا وارتمى من شدته هاربا الى النوم.
ومن ثم يأتي دور الاكل ؛ فيتحلق افراد العائلة حول مائدتهم يتلذذون باكلات قرندل الشهية ، وخصوصا الكبة، وقد يتذكر احدهم قرندل فيطلب ايقاظه للاكل ولكن الجميع يعترضون مشفقين بقولهم (خطيه قرندل تعب اهوايه اليوم خلّوه نايم) ، ولما فاض بقرندل الصبر ونتيجة لاشغال البيت الشاقة وحرمانه من طيبات ماتصنع يداه وخصوصا الكبة صاح معترضا: (عند دك الكبه صيحوا قرندل، وعند اكل الكبه نايم قرندل).وهذا المثل يطلق على كل انسان يتحمل المغارم ويحرم المغانم، وقد نظم احد الشعراء هذه الحكاية شعرا فقال:اذا (كبة) كان الغداء وجدتني/ انوء بها دقا وما منها آكلفان كان دق قيل اين قرندل/ وان كان (اكل ) قيل نام قرندل وقرندل العراق يشبه احدهم في الجاهلية يدعى (جندب) ، والذي قال فيه الشاعر:واذا تكون كريهة ادعى لها/ واذا يحاس الحيس ادعى جندبوالان قرندل وجندب مشتركان في الهم والعمل والعذاب، لكنهم ايضا مشتركان بالحرمان ليتمتع الاخرون، ولااحد يوقظ قرندل (خلّوه نايم )، لانهم يوزعون الغنائم وقرندل غير معني بها ، ومع هذا فقرندل لايطلب سوى العافية وبرودة الكاع، وهو ليس طماعا، ينشد الاستقرار والعيش الكريم ولايسأل بعدها عن الابرياء والمتهمين واللصوص الذين اصبحوا من الوجاهة حتى لنخجل حين ننظر اليهم ونفكر من سرق من؟ المهم قرندل الان اكثر حيرته من تشكيل الحكومة ، حيث غطتنا الدعوات المختلفة، وهي تدخل في تداعيات مابعد الانتخابات ، وما افرزته هذه التداعيات من تشرذم وعناد وجفاء وخلط للاوراق؛ ولكن ابرز ماافرزت اعادة العد والفرز وهذه الدعوة امتلكت شرعيتها من تبني المحاكم المتخصصة لها، اما الدعوة الثانية والتي بدأت تتردد بعد قرار هيئة المساءلة والعدالة باستبعاد مرشحين فائزين دون استبدالهم، وهي تتلخص باعادة الانتخابات، وهذه الدعوة ربما ستلاقي ترحيبا عربيا ودوليا وربما آذانا صاغية في العراق، ومن المؤكد ان هذه المنغصات والتي اصبحت معوقات ماكانت لتكون، لو ان المساءلة والعدالة حسمت امرها قبل الشروع بالانتخابات، وكان على المفوضية ان تطالب المرشحين بوثيقة (عدم محكومية من نوع خاص) ، لان هذه العوائق صادرت جهود المفوضية التي تعبت كثيرا في سبيل انجاح الانتخابات وهي تتعرض الى امتحان عسير ستثبت من خلاله انها تستحق ان تتولى هذه المسؤولية الكبيرة التي ترسم مصير ومستقبل الشعب العراقي؛ ومن الطبيعي ان تكون المفاجآت كثيرة وكبيرة وسنراقب ونصغي ونتابع لنرى العجب ، حيث ان القاسم الانتخابي هو الاخر سيلعب لعبته ، وبحسب ماقال رئيس المفوضية فرج الحيدري ان الخسارة لاتعني انها ستكون من حصة الكتلة التي يتعرض اعضاؤها لقانون المساءلة، وانما بحسب القاسم الانتخابي ستكون هناك مفاجآت كبيرة ، وربما ستتأثر كتل اخرى من هذه العملية.لسنا مع تأخير تشكيل الحكومة ، مهما كانت الاسباب، لان مايتعرض له الشعب جراء هذا التأخير من الاهمية ، خصوصا وانه يدفع دماءه ثمنا لها ولايمتحن على صوت او منصب كالاخرين، ولذا على المفوضية ان تحسم امرها وتكمل الطريق حتى نهايته ، ولاحكومة انقاذ ولاتصريف اعمال، اعطى الشعب ماعليه وخرج للانتخابات اما هذه التناقضات فليست من مسؤوليته وهي تصب في مصلحة الكتل وفوزها بالسلطة، وقرندل غيرمسؤول عن هذه السفاسف التي اصبحت حججا واهية وواضحة ، كي يبقى قرندل نائما ولايوقظه احد فقد طغت العملة الرديئة على العملة الجيدة وطردتها وقرندل لايدري مايفعل وكما قال الشاعر على لسان قرندل: (شد راسه وندهني وكال شتريد/ اريد اجناح اطير وكل شي ماريدتعال اتكرب وعاين علي زين/ وشوف اشسون ابوجهي التجاعيداسئلك فد سؤال اتجاوب اعليه/ اذا يكضي العمر تعذيب شيفيد)
هواء فـي شبك: (عند دك الكبه.. صيحوا قرندل)
نشر في: 2 مايو, 2010: 08:20 م