علي حسين
غريب هذا الاندفاع الحماسي فى التعامل مع ازمة ناقلات النفط في مضيق هرمز، أو بالأحرى وساطة العراق لاطلاق سراح ناقلة النفط البريطانية،
فى محاولة إثبات أننا قادرون "والحمد لله" على حل الازمات الكبرى ، وعلى الفئة المغرضة من الشعب ان تموت بغيضها، ولاننا شعب يحب القضايا الكبرى!!، فقد امتلأت صفحات الفيسبوك العراقية بالسخرية من تسريحة شعر رئيس وزراء بريطانيا الجديد بوريس جونسون، ولهذا نجد أنفسنا لا نتعاطى مع القضايا الصغيرة، كقضية تعرض فتى في الثالثة عشرة من عمره يسكن بغداد لاغتصاب جماعي من قبل مجموعة من الوحوش البشرية، وكيف عجز القانون عاجز عن مواجهة المجرمين، وماذا فعلت عشائر الوحوش وهي تهدد عائلة الضحية بالتهجير او القتل ان لم تصمت !.. هكذا هي ديمقراطية عشائرنا، وهذه هي الدولة التي يراد لها ان تقف الى جانب الظالم وتسخر من المظلوم، والأصعب من ذلك ان المجتمع بأكمله أصيب بحالة من الصمم إزاء مثل هذه الجريمة، لأننا منشغلون في البحث عن حل لازمة السفينة الايرانية ، ولهذا قرر مجلس النواب " مشكورا " ان يسطر لنا قانون انتخاب على مقاس الكتل الكبيرة، فلا مكان لشخصيات مدنية مستقلة، والتظاهرات التي خرجت من اجل اصلاح قانون الانتخابات، شرب عليها محمد الحلبوسي قدح ماء مثلج من اجل ان يشرع للكتل الرئيسة قانونا على وفق رغباتها ومطامعها .
ربما يقول البعض: جميل أن يسعى العراق لاستقرار المنطقة، رغم أن معظم سياسييه يتاجرون في مستقبل البلاد، وجميل أيضا أن تسعى حكومتنا للتوسط في الازمة الايرانية ، لكن مَن يحل ازمات سكان السفينة العراقية وهم يعيشون في ظل قائمة طويلة ممتدة عنوانها الفشل والخراب والفساد الناتج من الزواج الكاثوليكي بين السلطة والمال؟
اليوم المواطن المغلوب على أمره مثل "جنابي" يحق له أن يسأل متى يطمئن ركاب سفينة الوطن على حياتهم ومستقبلهم، في وقت يصرّ فيه ساستنا الأشاوس على أن يمضوا بنا فى بحر هائج تتصارع فيه المصالح وحيتان الفساد؟، فيما المواطن المسكين حائر تتخبط به الأمواج والخطب والشعارات، بينما لا شاطئ هناك ولا ضوء بعيدا يهتدي به وإليه، باستثناء خطب عن ملابس المرأة، والإصرار على أننا طلاب آخرة ولسنا طلاب دنيا، ولهذا لا داعي لإقامة مصانع ومعامل ما دامت هناك جارة بحاجة الى دولاراتنا .
يسعى البرلمان الى ان يهرب بسفينة الوطن الى الخلف ، يتجاهل الاحتجاجات والاعتصامات ، محاولا ان يوهمنا جميعا أن معركة العراق الحقيقية ليست، مع الطائفية والانتهازية والمحسوبية وسراق المال العام، وانما في قانون يضمن لرموز الخراب الاستمرار في الجلــــوس على انفاس الشعب.