علي حسين
مدهش هذا الوطن، نادرا ما تجد فيه هذه الأيام مسؤولا أو سياسيا لا يسرق، أو يرتشي، بل ونادرا ما تجد فيه حزبا أو تنظيما تواضع ودخل العملية السياسية
من أجل الخدمة العامة، حيث تطغى المنفعة الشخصية فوق كل الخطب والشعارات.. فهناك اليوم وفرة هائلة من اللصوص والانتهازيين ومشعلي الفتن.
ما الذي يمنع من أن نرفع جميعا بوجوه الساسة والمسؤولين لافتة كبيرة تقول "من أين لكم هذا"؟ وأظن أن لجوء الناس إلى مثل هذا الشعار أمر منطقي للغاية في بلد لديه برلمان يقضي إجازاته في ربوع أوروبا، وساسة أداروا ظهورهم للوطن. "من أين لكم كل هذا"، صوت يجب أن يرتفع عاليا مثلما صدحت به يوما فنانة الشعب عفيفة اسكندر بلغة واضحة وفاضحة: "مِنْ أين لك هذا.. هذا من فضل ربي.. مِن أين لك هذا... هذا مجهودي وتعبي... ما تُكلي من أين لك هذا".؟
اليوم أصبح غير المختلس يعد جاهلا ولا يدرك أهمية الفرصة التي أتيحت له، فأصبحت الرشوة سهلة والفساد الإداري والمالي يجد من يبرره، بعض المسؤولين يتصرفون في ممتلكات الدولة كما لو كانت ممتلكاتهم الشخصية، مسؤولون وسياسيون رفعوا شعار المصلحة الشخصية والتي أصبحت أهم ألف مرة من مصلحة الوطن، هؤلاء ينتشرون في كثير من الأماكن والمواقع، ويديرون الأمور بمنطق "نفعني وأنفعك" لا يتراجعون ويزدادون قوة وإصراراً. بعض المسؤولين صاروا أكثر جشعا واستغلالا للنفوذ والمحسوبية، وصاروا أكثر استعداداً للخداع والرشوة وسرقة المال العام، وتلك هي أمراض النخبة السياسية التي تفشت بسرعة اليوم لا تعرف الناس أين تذهب المليارات التي خصصت للتنمية والإعمار.. أكتب هذه الكلمات وأنا اقرأ التقرير الذي نشره موقع " ديلي بيست " ، الأميركي، والذي يكشف فيه، النقاب عما قال إنها " عقود فساد تحققت بين الجيش الأميركي والحكومة العراقية وعلى أعلى المستويات" ، وأن هذه العقود التي ثبت أنها تلاعبت بمليارات الدولارات من خزينة الدولة العراقية كان وسيطا فيها الحاج عصام الأسدي المقرب من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي،.
في بلد آخر غير العراق، وشعب مغلوب على أمره غير هذا الشعب المسكين، لا يمكن لمقاول أو تاجر أن يستولي على كل هذه الأموال في مشاريع لا تصب في خدمة المواطن، ولكن هذا لا ينطبق على أثريائنا الذين سيطروا على كل شيء.. هذا عصر يريد الجميع أن يضعه تحت إبطه، ساسة سوف تذكرهم كتب التاريخ، بأنهم بلا ظلال سوى ظل الخديعة، بلا مواقف سوى مواقف الصفقات والمؤامرات، بلا لون سوى لون واحد، الابتزاز والانتهازية والطائفية، وسرقة ثروات البلاد تحت شعار "هذا من فضل ربي".
جميع التعليقات 1
ناطق حقي
أرجو كتابة مقالة بعنوان هل ممكن أن يحبوا العراق بقدر حبهم لايران .. أو حبوا السيستاني بقدر حبكم للخامنئي أو ما شابه ، لفضح كيف يدافع بعض السياسيين و المحللين السياسيين عن أيران بتحيز غير معقول حتى على حساب العراق و مرجعيته. شكراً