عدوية الهلالي
باقل من ملليغرام من تراب الماس ، تمكن مواطن بسيط مغلوب على أمره من تصفية عدة فاسدين كبار لم يتمكن من مواجهتهم مباشرة فاستخدم البودرة السامة للقضاء عليهم ،
وبعد اكتشاف أمره وقتله على أيدي أحد الفاسدين ، يكمل ولده مابدأه بعد أن يقرأ مذكراته ويكتشف سر تراب الماس ..بهذه الطريقة استخدم الكاتب المصري أحمد مراد تأثير التراب القاتل أو ماكان يطلق عليه ( بودرة الحكم) في العصور السابقة ليقدم روايته التي تحمل عنوان ( تراب الماس) والتي استقى منها المخرج مروان حامد فيلمه الذي يحمل الاسم ذاته ..في الفيلم نشاهد البطل يتابع مسيرة والده على الرغم من كونه مواطناً مسالماً يكره العنف ويهوى الموسيقى لكنه يعجز عن مقارعة الظلم والفساد الذي يهدد حياته فيلجأ الى هذه الطريقة وتقلده جارته وصديقته الإعلامية عندما تلجأ اليه بعد أن يخدعها زميلها وحبيبها الاعلامي المعروف فيهديها السم القاتل لتنتقم منه ، وينتهي الفيلم بمحاولة البطل استعادة حياته الطبيعية مع جارته لكنه لايتخلص من علبة السم التي تركها له والده بل يحتفظ بها لأن قائمة الفاسدين طويلة والفساد لن ينتهي بمقتل عدة فاسدين ..
قد يتساءل قارئ الرواية أو المشاهد للفيلم فيما اذا كان من حق المواطن ان يقتص لنفسه من الفاسدين المتنفذين في الدولة مغيبا دور القانون لكن الفيلم يجيب عن ذلك ببساطة عندما يكون ضابط الشرطة الكبيروالإعلامي الذي يدعي الوطنية والثورية ومرشح البرلمان من أهم اقطاب الفساد وهنالك غيرهم كثير في جميع مفاصل الدولة ومختلف مؤسساتها الحكومية ..كيف إذن يمكن للمواطن أن يستعيد كرامته وأمانه بين تلك الذئاب والحيتان التي تتحكم بمقدرات البلد ..
في بلد مثل بلدنا –على سبيل المثال – أصبح الفساد سرطاناً خبيثاً يضرب جميع أعضاء جسد الوطن ولن ينفع معه دواء أو علاج بل يمكن القضاء عليه باستئصال تلك الاعضاء التي تجسدها الأحزاب المتسلطة على البلد بشعبه وحكومته ..وهاهو رئيس الوزراء يحاول أن ينفذ برنامجه الحكومي الذي أعلن عنه منذ بداية توليه السلطة وعلى رأسه مكافحة الفساد لكنه يعجز عن التقدم بخطوات ملموسة بسبب هيمنة الأحزاب وتمسكها بالمحاصصة ومعارضة بعضها لخطوات الحكومة فهل سيترك الأمر إذن للمواطن ليقول كلمته ؟!
أعتقد أن المواطن سيظل عاجزاً عن انقاذ نفسه من مخالب الفساد لأنه لايمتلك إلا صوته الانتخابي ولم يحاول في أكثر من مرة أن يستخدمه لاستئصال الفاسدين بل أعاد انتخابهم أو تخلى عن دوره في التغيير في الوقت الذي كان بامكانه أن يجعل منه سماً قاتلاً لأن الفساد لن ينتهي إلا بالقضاء الكامل على أقطابه وقائمة الفاسدين لن تنتهي مالم يسعى المواطن الى استئصال الوجوه المتكررة كلياً لكيلا تعود لعرض بضاعتها الكاسدة من التصريحات والوعود الكاذبة ..المواطن قادر إذن على وضع بصمته على خارطة تغيير مصير البلد إذا تمكن من استخدام أدواته لمواجهة من يفوقه قوة وسلطة ..لاباستخدام السم القاتل لأن علبة واحدة منه لاتكفي لتصفية كل الفاسدين بل بإزالة كل من وقف حجر عثرة في طريق إصلاح البلد ..