TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أمام المتقين و دروشة مسؤولينا

العمود الثامن: أمام المتقين و دروشة مسؤولينا

نشر في: 19 أغسطس, 2019: 08:58 م

 علي حسين

جميع مسؤولينا يتحدثون ليل نهار عن القيم الدينية، وأخلاق الحاكم، ورضا الله والعباد، ومصطلحات وعبارات ضخمة. لكن 99٪ منهم لا ينفذون شيئاً مما يقولونه،

سياسيون تعددت صورهم وأشكالهم، يلبس البعض منهم عباءة الفضيلة ليداري رذائله، روائح فسادهم ملأت أروقة مؤسسات الدولة وتسربت منها إلى الشوارع والأقضية والنواحي والمدن، وتحول بعضهم إلى مصيبة وقعت على رؤوس الناس، تجدهم يتصدرون المشهد في جميع المناسبات، يتحدثون عن العدالة والحق ولكنهم يمارسون الظلم والانتهازية، ممتلئون غلظة وقحطا روحيا يسيئون إلى الدين والأخلاق صباح كل يوم.

تذكرتهم اليوم وأنا أتابع على موقع تويتر حالة الدروشة التي أصابت العديد من المسؤولين وهم يستذكرون الإمام علي بن أبي طالب "ع"، وتمنيت لو أنهم وقفوا وقفة حقيقية أمام سيرة الامام وتعلموا منها، لكن للأسف فقد ابتلينا بمسؤولين يتحدثون باسم الدين ويسرقون باسم الدين، يصدعون رؤوسنا ليل نهار بخطب عن الحق والعدالة والمظلومية في عبارات فقدت معناها من سوء استخدامها وجرأة تزييفها.

هل تساءل أحدهم كيف مارس علي بن أبي طالب السلطة بأعوام خلافته؟، لم يجد الإمام في الخلافة حقا استثنائيا في المال والأرض، فساوى نفسه مع الجميع، رفض أن يسكن قصر الإمارة ونزل مستاجرا في منزل يملكه أفقر فقراء الكوفة، سيقولون هذه مثالية مطلقة ، لأنه يعيش مع علي " ع " ظاهرا ومع معاوية باطنا. تعالوا نرى ماذا فعل عندما طلب منه سادة قريش أن يميزهم بالعطاء، قال لهم "لو كان المال مالي لسوّيت بينكم فكيف والمال مال الله"، ومن هذا الاعتبار كان موقفه عندما أبلغ أهل الكوفة أنه لن يأخذ حصته من العطاء قائلا: "يا أهل الكوفة إن خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي فحاسبوني". فهو يرى أنه موظف مسؤول أمام أموال المسلمين وأنها مسؤولية مقدسة لا يمكن التفريط بها وأن القدسية هي في الحفاظ على حياة الناس وأموالهم لا في الشعارات البراقة الكاذبة. والوثيقة التي بعث بها إلى مالك الأشتر تشعرنا بأنه كان ناذراً نفسه لخدمة الناس جميعا حين يقول "وأشعر قلبك بالرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم فأنهم صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، مشكلتنا اليوم أن الجميع يرتكب الجرائم باسم الدين، فيما الناس تريد من يوفر لها الأمن والاستقرار، ويشعرها بالأمل في الغد ويطمئنها على مستقبل أبنائها، الناس لا تريد من المسؤول أن يدافع عن الفساد والمفسدين والمرتشين، ويؤلب فئة على أخرى، ويقيم الدنيا ويقعدها من أجل الحفاظ على كرسيه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    الحاكم الحقيقي هو من يعطي ولا ياخذ ... وهكذ هي سيرة الحكام العظماء في تاريخ العالم..

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram