علي حسين
أفضل وأغنى رواية عن خراب الأمم، تركها لنا مواطن نمساوي اسمه ستيفان تسفايج، ففي لحظة فارقة من تاريخ البشرية يكتب هذا الرجل النحيل مذكراته عن عالم مضى.
ما هو الشعور الذي سيخامرك وأنت تقرأ حكاية صعود القوى الكارهة للحياة، كما يصفها في مذكرته “عالم الأمس”؟ لا أدري.. حاول أن تقرأ.
يقول تسفايج: " الكاره للحياة لا يعرف إلا طريقا واحدا هو طريقه، لا يقبل حلا وسطا، يتوهم أنه وحده الذي يعلم، وعلى الآخرين أن يتعلموا منه، وتراه يرغي ويزبد إذا تجاسر أحدهم على إبداء رأي مضاد لرأيه ".
لا أحب أن ألقي عليكم دروس الكتاب، لكن لا مفر من مراجعة تجارب الآخرين، وعندما نقرأ كم تكرر الظلم والعنف نشعر بأن العالم كله كان في يوم من الأيام مسرحا للعبث والخراب.
هذا الخراب والخوف من المجهول يريد لنا أن نعيش معه إلى النهاية، فالساسة الذين سبحوا بحمد الأمريكان وقدموا سيوف الذهب إلى رامسفيلد وكانوا لا ينامون قبل أن يطمئنوا إلى أن المستر بول بريمر راض عنهم، نجدهم هذه الأيام يطلبون منا أن ندحر الأمريكان ، وأن نمرغ انف تراامب في التراب .
معطم سياسيينا مولعين بلقطات الأكشن، وفي كل تصريح نجد ذلك الإصرار في البحث عن لقطة مثيرة يستدرّون من خلالها آهات الإعجاب، ، وكان آخرها عروض " الشو" المثيرة التي يقدمها هذه الأيام مشعان الجبوري الذي تنقل من دروس صنع العبوات الناسفة إلى التغني بأمجاد حكومة نوري المالكي إلى الدفاع عن التحالف الوطني لأنه يقود مسيرة الإصلاح، إلى اتهام حلفاء الأمس بأنهم يضطهدونه.
الذين انتظروا الديمقراطية من الأحزاب التي تحكمنا يعانون من سذاجة مثلي، لأنهم يعتقدون أنهم يعيشون في ظل أحزاب تحترم الآخر. اليوم هناك قواعد جديدة وواضحة للعمل السياسي، عبَّر عنها معظم شيوخ وخطباء هذه الأحزاب. في الانتخابات الأخيرة أصدر السيد كاظم الحائري فتوى بتحريم انتخاب الشخصيات المدنية لأنها في نظره شخصيات كافرة، وظل الشيخ عامر الكفيشي يردد من على قناة آفاق أن كل القوى المدنية ملحدة، واليوم في الوقت الذي يحاول العراق أن يبتعد عن ساحة الصراع الإيراني الأميركي ، يدخل السيد كاظم الحائري طرفا في السجال بدعوته إلى محاربة الأمريكان في بغداد، وهو أمر يثير الاستغراب بنفس القدر الذى يثير به التعجب! ربما يقول البعض: يا رجل هل أنت سعيد بوجود قوات أميركية في العراق؟.. ياسادة أنا ومعي ملايين العراقيين لم نطالب الأمريكان بغزو بلادنا، ولم نرحب بهم.. الذين ملأت الفرحة وجوههم هم الذين استقبلوا جورج بوش بالاحضان والابتسامات .. ومن يريد التاكد عليه ان يصعد في سفينه العم غوغل وسيرى العجب .