علي حسين
دائماً ما يلومني قرّاء أعزّاء وهم يقولون بمحبّة: هل تتوقع أنّ ساستنا ومسؤولينا يقرأون؟ وأنهم سيطيلون النظر في سطورك التي تُحشيها بتجارب الشعوب،
وحكايات عن سنغافورة وألمانيا وطوكيو؟ أنا أيها الأعزاء أطمح لأمر واحد، هو أن أجد أمامي نواب وساسة يعرفون معنى المواطنة، لا أقبل أن يتحسّر العراقي وهو يسمع أن البصرة تعاني من سوء الخدمات وشبابها بلا عمل، فيما السيد ماجد النصراوي يتمتع بما نهبه من أموال في مولات سيدني!.
يا أصدقائي الأعزّاء، أنا وأنتم مواطنون في بلد ضعيف يستقوي عليه ساسته وإخوانهم ورفاقهم، كنت أمنّي النفس بمسؤول من المؤمنين على شاكلة وزيرة الثقافة في الجزائر مريم مرداسي التي أعلنت استقالتها بعد ساعات من حادث تدافع خلال حفل أدى لوفاة 5 أشخاص، من منا سمع أن وزير الداخلية في بلاد الرافدين قدم استقالته بعد كارثة تفجير الكرادة؟ وربما كنا نضحك على بعضنا حين توهمنا أن الوزيرة المؤمنة عديلة حمود ستقدم استقالتها بعد أن أكلت النار عشرات الأطفال الرضع في مستشفى اليرموك. ربما يسخر البعض من وزيرة قدمت استقالتها لمجرد موت 5 أشخاص في الوقت الذي خاض فيه زعماؤنا “الملهمون” حروبهم الطائفية من كلّ نوع ولون، وفي كلّ اتجاه، سلّموا المدن لداعش، احتلوا المؤسسات الحكوميّة، أبادوا مدنيّة الدولة، طاردوا الكفاءات، وضعونا على سلّم البؤس، أدخلونا موسوعة غينيس في عدد الشهداء والمهجّرين. وبعد كل موجة خراب نجدهم يجلسون ويتضاحكون ويقررون التقاط صورة فوتوغرافية، لكي يطمئن الشعب أنْ لاسبيل أمامه سوى الإذعان لصوت “الزعماء الملهمين”، وفي كلّ مرة كانت الناس تبتسم بسعادة وتذهب إلى صناديق الاقتراع لتنتخب جماعتها.
فنحن في كلّ مرة نتجرّع الحقيقة بمذاقها المرّ، وهي أنّ لا شيء مهمّ في هذه البلاد سوى سلامة كراسي المسؤولين، ومن ثم فلا تسألوا عن المتسبّب في تفجير الكرادة وضياع الموصل، مثلما لا يحقّ لكم أن تسألوا أين وصل التحقيق في كارثة مستشفى اليرموك؟!
حين قرأتُ خبر استقالة الوزيرة الجزائرية أدركت أنني تجنّيت على مسؤولينا كثيراً، فهذه المرأة السافرة ارتكبت جرماً كبيراً، لأنها أهملت متابعة حفل فني ولهذا كان لا بد لها من أن تخرج إلى وسائل الإعلام لتقول إنها لا تستطيع التخلّي عن كرامتها من أجل المنصب.
لو سألتَ أيَّ مواطن عراقي عن موقف الوزيرة الجزائرية، فقد يموت قهراً أو ضحكاً! لانه لا يستطيع أن يقول لمسؤول صغير قدم استقالتك.
ما يهمني في الخبر ليست استقالة الوزيرة، وإنما إصرار ساستنا على أن الكرسي أهم وأبقى من الوطن .
السيدة مريم ، أرجوك أن تحدِّثي زعماءنا " المؤمنين " عسى أن يعرفوا أن المنصب وظيفة، وليس طابو .