عبد الزهرة المنشداوي كنا صغارا ،اغرار وفي اول خروج لنا من منطقة الصرائف في الشاكرية باتجاه جسر الجمهورية، رأينا عالما اخر قصور مشيدة وشوارع مبلطة . اقتربنا باتجاه القصور راينا ما لم يخطر ببال حدائق مشذبة و مزابل ملونه بشتى انواع النفايات التي لم نألفها في مزابل الصرائف،
ولكن الذي جلب انتباهنا اكثر وجود صندوق هندسي منظم بلون اسود براق، خمنا بانه كنزا مخبأ فيه الشيء الكثير، من اموال ،و ذهب لذلك كان الفوز بهذه الغنيمة من دون الصبية الآخرين ، امر لا مناص منه ،فقررنا وزميل لي حمله والعودة به قافلين الى صرائفنا لنشيع الفرحة في نفوس عوائلنا الفقيرة فقرا مدقعا انذاك. واشرت ان نتعاون على حمله وكانت المسافة بعيدة والصندوق المغري ثقيلا ثقلا غير عاديا لذلك تعاهدنا على مناصفته.وكانت الخطة ان يفرش كل منا مقدمة دشداشته عند الحمل (وهكذا سرنا بغنيمتنا منحسري السيقان نتناوب على نقل الكنز الموعود. ولقد كنا فررنا به قبل ان يكتشف امرنا من الاخرين.تناوبنا الحمل كما تعاهدنا .في الطريق شعرنا بسائل يندلق على الدشداشة لكننا لم نعبأ به. عندما جلسنا على الارض لنستريح اكتشفنا ان ثيابنا غدت رمادا! فما ان نلمس الجزء الذي لامسه السائل حتى يتحول الى تراب، احد المارة حذرنا من ان الصندوق فيه مادة تيزاب حارقة وانه لافائدة منه عندها عرفنا بانه بطارية سيارة معطوبة ولم نكسب منه شيئا يذكر سوى تقريع عوائلنا على تمزيق ثيابنا. هذه التداعيات البعيدة اثارها حديث مواطن جمعتني به المصادفة ذكر لي بانه قد خرج مع اخرين عند دخول الجيش الامريكي بغداد واسقاط الصنم فهرع مع من هرع من اجل (الحوسمة) فدخلوا احد مقرات الجيش المنحل القريبة من مدينة الصدر في (كسرة وعطش).وراوا احدهم وهو يفر بما غنم في مقدمة الدشداشه وكانت غنيمته رمانات يدوية ملأ بها حجره وظن ان الآخرين ان اكتشفوها سوف ينتزعونها منه عنوة ،لذلك حث الخطى وهو يتلفت يمينا ويسارا لكنه تعثر فجأة فسقط بحمله لتنفجر احدى الرمانات اليدوية انفجارا مدويا كانت من نتيجته ان تطاير ت اجزاء جسده في الهواء قطع صغيرة.الاستحواذ على ما للغير شيء لايقره قانون ولا شريعة اخلاقية .ومن تربوا داخل العوائل العراقية الاصيلة لابد لهم وان يتذكروا كيف ان ابائهم اوجداتهم يحذرونهم من المال الحرام او سرقة الآخرين ،وكيف انهم يعتقدون ان السارق لابد وان يقع في شر اعماله آخر الامر . اذكر بانه كثيرا ما يقولون الاستيلاء على ما للغير لا يعتبر كسبا ومع ذلك فاننا ما زلنا نسمع عن السرقة والتلاعب بالمال العام ولقد وصل الحد الى ان البعض مما توكل لهم مهام في لجنة مشتريات وزارة او مؤسسة دائما ما يتفقون مع التاجر او صاحب المحل على ان يحصلوا منه على وصولات شراء باثمان غير الأثمان المدفوعة ليستولوا على الفارق ما بين السعر الحقيقي والسعر المزيف.هذه الملاحظة يجب ان نشير اليها من اجل ان تعتمد مؤسساتنا على متابعة ومطابقة مشترياتها وعقودها لتضمن عدم التلاعب بالمال العام. كذلك نلفت نظر من يعتبر الاستحواذ على المال بطرق غير مشروعة ذكاء او دهاء لابد وان ياتي اليوم الذي تنفجر فيه الفضيحة مثلما هو الحال مع صاحب الرمانات اليدوية.
شبابيك :دشداشة وتيزاب
نشر في: 3 مايو, 2010: 06:29 م