علي حسين
من صاحبة هذه العبارة؟ "إن تلك الحملة صدرت من دافع ذكوري " بعضهم سيقول إنها هيلاري كلنتون، أو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل،
ويحتمل جدا أن تكون رئيسة وزراء بريطانيا السابقة تيريزا ماي التي أطاح بها صاحب الشعر المنكوش بوريس جونسون.. غير أن قائلة هذه العبارة ليست من حريم السياسة العالمية، وإنما هي الزعيمة "حنان الفتلاوي" التي أخرجها الله من الظلمات ومنحها هدية للعراقيين لتنير لهم دروب الحقيقة. ولأنني مثل ملايين العراقيين أتابع يوميا خطب السادة المستشارين ومعهم رهط المقربين التي تزداد وتائرها في كل يوم، فأتعجب من قدرة هؤلاء السادة المستشارين على ممارسة لعبة خلط الأوراق، التي تقربنا يوما بعد آخر من مرحلة الشعوذة السياسية.
ذهبت تيريزا ماي وستذهب أنجيلا ميركل وقبلهن ذهبت ديلما روسيف التي جاءت إلى الرئاسة بعد مسيرة طويلة من النضال الثوري والسياسي، وعندما خسرت الانتخابات قالت إنها لن تتهرب من الاعتراف بالفشل، وأتمنى أن تنتبهوا معي لعبارة "الاعتراف بالفشل"، هذه الكلمة لاوجود لها في قواميس ساستنا "المجاهدين".
سيقول قارئ عزيز، حتماً، ما لنا ولألمانيا والبرازيل وبلاد المستعمر أبو ناجي؟ فهذه بلدان لا علاقة لها بتجربتنا الديمقراطية. نحن قدّمنا النموذج الأمثل. وقفنا وقفة رجل واحد من أجل هيبة الزعماء، الذين لا يزالون يستنكفون من أداء اليمين كنواب، ويجدون الجلوس تحت قبة البرلمان إساءة لمنجزهم الوطني.
سيظل شخصي الضعيف يعتقد أنّ قصة بلدان مثل ألمانيا أو اليابان أو كوريا الجنوبية ليست قصة واحدة ولارواية واحدة، لأن هذه البلدان التي دمرت في حربين كونيتين، أعادت في سنوات قليلة، بناء المدن، والمصانع، والمدارس والبيوت، ما هو السر؟ يتساءل الفرنسي جاك أتالي في كتابه "آفاق المستقبل"، ونراه يعثر على الجواب في خطاب ألقاه المستشار الألماني فيللي برانت عام 1970 يقول فيه "في مقارنة بين ألمانيا ما بعد الدمار وبريطانيا التي قادت انتصار الحلفاء، نكتشف أنّ الإنكليز يعرفون، لكننا شعب يطلب المعرفة، لذلك استوعبنا ونقلنا كل مانراه"..استقال المستشار فيلي برانت الحاصل على جائزة نوبل للسلام من منصبه عام 1974، لأن الأجهزة الحكومية أبلغته بمخالفات ارتكبها أحد مساعديه.
تلتقي اليابان وألمانيا ومعمها كوريا الجنوبية على مشترك واحد هو اختيار مستشارين كفوئين ذوي حاسة وحساسية وطنية، فيما نلتقي نحن سكان هذه البلاد على مبدأ واحد، الرفض للكفاءة والنزاهة، باعتبارهما خطرا، والسعي إلى تقريب المعارف والفاشلين، فكل محاولة للإصلاح والسعي نحو المستقبل ، كانت السيدة المستشارة تعتبرها انبطاحا للإمبريالية، هكذا كانت تخرج علينا صباحا ومساء تهدد وتتوعد.. لم تعد التنمية والعدالة طريقاً لبناء الوطن، فقد عدنا من جديد إلى عالم المستشارين الذين يرفعون شعار "التوازن" .