طالب عبد العزيز
تبقى الرهانات على نجاح حملة محافظ البصرة، أسعد العيداني، القاضية بإزالة التجاوزات معقودة على الجدية والإصرار عنده، إذ كل الاحتمالات واردة، فالقضية ليست بسهلة.
هناك أقطاب سياسية منتفعة، وأحزاب ومافيات وعصابات ليس من مصلحتها إزالة التجاوزات، وهناك شخصيات سياسية في حزب الدعوة، نافذة في الحكومة المحلية، استفادت من أصوات أولئك المتجاوزين، وغير بعيدة عنا نتائج القرار الذي أصدره الرئيس الاسبق نوري المالكي، قبل انتخابات 2010 والتي سمح بموجبها للمتجاوزين في البقاء بأماكنهم الى اليوم.
ومع أن عدد المشككين بحملة العيداني كُثر في البصرة، وهناك من لا يعتقدون بقدرته على إكمالها، ويذهبون بقولهم الى أن حملته هذه لا تخرج عن كونها زوبعة محسومة النتائج، إلا أنَّ الحقيقة تقول بأن حجم التحديات أكبر بكثير من جهود شخصية، يقوم بها محافظ بمفرده، إذ ما زلنا في البصرة بانتظار قيام الحكومة المحلية، ممثلة بالمجلس كله في المشاركة الفاعلة بالحملة الكبرى هذه. ذلك لأنَّ تقارير حكومية رسمية تتحدث عن وجود 62 ألف وحدة سكنية عشوائية في البصرة و667 تجمعاً عشوائياً، وبما نسبته 15% من عدد السكان البالغ 3 ملايين، وأن عدد العشوائيات قبل العام 2016 في مركز المدينة كان 16 ألف وحدة سكنية عشوائية، لكنه تضخم في العام 2019 الى 24 ألف وحدة عشوائية.
ما ينشر من مقاطع صوتية له على صفحات التواصل الاجتماعي يدعو للتفاؤل، وصورة الشفل الأصفر وهو يهدم ويقوّض تبعث على الأمل، واستجابة بعض المتجاوزين أيضاً تؤدي رسائل طمأنة مهمة، لكنَّ يا ترى ماذا عن جزيرة السندباد، وماذا عن شارع كازينو لبنان، وماذا عن المشيدات والهياكل الحديدية والكونكريتية على شط العرب وشارع الكورنيش، وماذا عن الكراجات والساحات المُستولى عليها من أكثر من 12 سنة، والتي تدر الملايين على أصحابها يومياً، وماذا عن الآلاف الذين سكنوا أراضي قيادة القوة البحرية والاكاديمية البحرية والسايلو والمفتية وحول القصور الرئاسية في البراضعية، وماذا عن البساتين التي صودرت في ابي الخصيب والسيبة والفاو، وماذا عن الزبير التي يطالب الوافدون والمتجاوزون فيها بجعلها محافظة، وماذا يحدث في القرنة والمدينة والرميلة والشعيبة وأم قصر والميناء ووو ؟ القضية مرعبة يا ناس !!!
لا نريد أن نثبط من عزيمة الرجل، لكنَّ ما يحدث في البصرة شيء مخيف، وتجاوز في خطورته الحدود. من غير المعقول قيام أي حكومة محلية بتنفيذ مهامها في الاقتصاد والأمن والصحة والتعليم، في ظل وجود أكثر من مليون ونصف وافد !! نعم، تمنح البصرة موازنتها السنوية من الحكومة الفدرالية على أساس عدد السكان البالغ مليونان ونصف، فيما تتحدث التقارير عن 4 مليون نسمة، كرقم فعلي في عدد السكان. لذا، فأن أي خطة عمل في الصحة والخدمات والتعليم والشوارع والبيئة والتصريف ووو سيكون مصيرها الفشل، ولا نريد أن نتحدث عن التغيير الديموغرافي الذي أخل بالمنظومة الاجتماعية لسكان المدينة، التي كانت آمنة مطمئنة حتى وقت قريب.