د. فالح الحمـراني
لفت مراقبون سياسيون الى أن الاقتراح الثلاثي المحتمل لبناء خط أنبوب نفط إيراني ، حيث لن تشارك سوريا فقط في هذا المشروع،
ولكن العراق أيضاً سيضع العلاقة الثنائية المهزوزة إلى حد ما بين بغداد وواشنطن على المحك.
وحسب قراءة لوكالة أنباء نوفستي الروسية: يمكن أن تؤدي المواجهة بين بغداد وواشنطن إلى كارثة على المنطقة إذا لم تعقد مناقشات عقلانية. ولفتت الى أن بغداد تعاني الآن من اضطرابات داخلية، وتستفحل أزمة اقتصادية في العراق، ويتزايد التدخل الخارجي. وقالت :أدى الضغط الإيراني، الذي يسعى إلى إحباط المصالح الأميركية، بالفعل إلى هجمات وتهديدات من المتشددين الإيرانيين. وتعرضت قواعد حرس الثورة الإيراني في هذا البلد للهجوم من قبل الإسرائيليين وغيرهم من المعارضين غير المعروفين. ويمكن "لبرميل البارود" هذا أن ينفجر قريباً، إذا اتبعت الولايات المتحدة مقاربة سياسية غبية جداً. فمن غير المرجح أن تسفر العقوبات أو التهديدات عن النتيجة المرجوة. ويزداد التدخل العربي مع محاولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر تخفيف تأثير إيران من خلال التخطيط للمناقشات الاقتصادية والعسكرية في المستقبل.
وعلى حد تقديراتها إن من الأفضل للعراق النظر في خيارات التصدير الأخرى. والأكثر واقعية حسب رأيها، هو توسيع خط أنابيب الغاز العراقي الأردني. ومن الصعب توقع مواجهة عربية أو غربية أو حتى إسرائيلية. مهما كان القرار الذي يتخذه العراق بهذا الشأن، ويجب عليه أن يفهم إن النهج الخاطئ يمكن أن يؤدي إلى صراع في منطقة غير مستقرة بالفعل.
وأشير في الوقت نفسه، إلى إن الطريق المرتبط بسوريا، والذي ستتبعه بغداد وطهران، سيؤدي أيضاً إلى إثارة عدد من المشكلات السياسية. فقد استقر الوضع في سوريا، ومع بقاء الأسد إلى السلطة، ستعزز إيران وروسيا وحزب الله مواقعهم، ويفضل اللاعبون الغربيون البقاء بعيداً عن هذا المجال. وبالنسبة للدول العربية، فقد تغير الوضع. فبعد استعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، أصبح لدى الدول العربية في الخليج ومصر خياراتها الخاصة. ويبدي العراق اهتماماً كبيراً، لأن سوريا سوق محتملة، وطريق قصير لتصدير النفط والغاز العراقيين إلى الأسواق الأوروبية. ورجحت أن بغداد ستستفيد من دعم إيران التام، حتى لو كانت البلاد هدفاً للولايات المتحدة. وفقاً للمصادر، فإن النهج العراقي لا يصب في مصلحة الدول العربية الأخرى.
ورصدت بالفعل الإشارات الأولى التي تشير إلى أن إدارة ترامب ستضغط على بغداد لمراجعة الصفقة. وهناك شكوك تحوم حول وحدة موقف بغداد، حيث يجب أن يؤخذ بالاعتبار موقف مجموعة واسعة من مجموعات الضغط السياسي، والميليشيات التي تدعمها إيران، والكرد وجيرانهم. ولا تريد بغداد أن تصبح ضحية المواجهة الإيرانية الأميركية، بالنظر إلى أن مضيق هرمز يظل طريق تصدير نفط العراق الرئيس.
وكان مسؤولون إيرانيون وعراقيون قد قالوا إن المناقشات جارية بشأن اقتراح إيران ببناء خط أنابيب جديد من إيران إلى سوريا يمر عبر العراق. وتعد بغداد وطهران طريقين جديدين للتصدير خارج دول الخليج.
ويفترض خبراء اقتصاديون وجود خيارين لخط الأنابيب: بناء خط أنابيب جديد بطول 1000 كيلومتر يمر عبر العراق إلى سوريا، أو إصلاح خط أنابيب كركوك - بانياس بطول 800 كم يمر عبر إيران. ويجب أن يكون إجمالي إنتاج خط الأنابيب الجديد 1.25 مليون برميل من النفط يومياً. سيستغرق المشروع عامين. في إطار المناقشات الرسمية، من الضروري إيجاد بدائل للإمدادات عبر مضيق هرمز للعراق وإيران. وتعتمد طهران على دعم الشركاء الأوروبيين الذين يحاولون دعم الصفقة النووية. ومع ذلك، يتوقع المحللون أن واشنطن ستحاول، بدعم من المملكة المتحدة وأستراليا والدول العربية، عرقلة ووقف بناء خط أنابيب إيران - العراق (سوريا).
وجاء في القراءة للتطورات المتعلقة بالأنبوب المثير للجدل إن بغداد تمكنت من زيادة إنتاج النفط والغاز وجذب الأسواق في الحصول على المنتج. ولكن نمو الصادرات يثير الشكوك لدى بعض الأطراف، لأنه ليس من الواضح دائماً ما إذا كان هذا النفط عراقياً 100٪ أو مختلطًا بالنفط الإيراني. ويبدي المستوردون الأوروبيون والآسيويون اهتماماً كبيراً بذلك، لكن المشاركة الرسمية المتزايدة لإيران في نقل النفط الى البلاد، قد تثير ضجة كبيرة. وقد تؤدي العقوبات الأميركية المفروضة على المشغلين العراقيين، أو الشركات المملوكة للدولة، إلى إنهاء الصفقات في الاتحاد الأوروبي أو آسيا.
من ناحية أخرى أشار العالم السياسي، المحاضر في الجامعة المالية التابعة لحكومة الاتحاد الروسي ليونيد كروتاكوف في حديث لبوابة " فزجلاد " الاخبارية : بالنسبة لإيران ، لطالما كانت قضية الممر البري للنفط من البحر المتوسط قضية هامة لحد كبير. وأعاد الأذهان إلى أن الحرب الأهلية في سوريا، بدأت بعد فترة وجيزة من توقيع إيران والعراق وسوريا في تموز 2011، مذكرة حول بناء خط أنابيب الغاز من حقل جنوب فارس الإيراني للغاز إلى أوروبا، حمل مسمى أولي "الطريق الإسلامي السريع" وقُدرت تكلفته نحو 10 مليارات دولار وقوته بـ 110 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً، وكان من المخطط إطلاقه في 2014-2016. ويقول كروتاكوف كان من المفترض إن يتيح هذا المسار لأوروبا الاستغناء عن الغاز المسال، الذي يتعرض لضغوط في السوق الأميركية الأوروبية. ولكن وبسبب الحرب في سوريا، لم يتم تنفيذ خطط لبناء الطريق الإسلامي السريع. في الوقت نفسه تقريباً ، نوقشت آفاق طريق كركوك بانياس، ولكن بعد تفاقم الوضع في سوريا وشمالي العراق، تم تأجيل هذه المفاوضات.
وبدأت إمدادات النفط من حقول محافظة كركوك إلى إيران في حزيران من العام الماضي. ثم أكد الممثل الرسمي لوزارة النفط العراقية، أحمد جهاد، العزم في المستقبل على مد خط أنابيب بطاقة 250 ألف برميل يومياً من حقول كركوك إلى الحدود الإيرانية. وفي آب من العام الماضي، أعلن أن إيران تقترح مرة أخرى ترميم خط أنابيب كركوك - بانياس. وقبل ذلك بفترة وجيزة، أصدرت السلطات الإيرانية سلسلة من التصريحات حول استعدادها لإغلاق مضيق هرمز إذا واصلت الولايات المتحدة ضغط العقوبات. وقال ممثل ايران لدى اوبك حسين كاظمبور أردبيلي أن تصرفات وبيانات دونالد ترامب قد تؤدي الى ارتفاع أسعار النفط الى 100 دولار للبرميل. وهناك تقييمات أكثر سوداوية للعواقب المحتملة لغلق مضيق هرمز. فكما قال رئيس شركة خدمات حقول النفط الأميركية جينويل ديفيد ليفشولز: إنه في حالة قيام الإيرانيين بذلك، سيتم حظر 22٪ من إمدادات النفط العالمية، ونتيجة لذلك سيرتفع سعر النفط إلى 500-1000 دولار للبرميل. وفي رأيه، فإن هذا قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي بأكمله، لأن من المستحيل تعويض مثل هذه الكميات الكبيرة من النفط، ويمكن أن تسبب في انهيار في سوق المشتقات بألف ترليون دولار، ستكون مماثلة ليوم الخميس الأسود 24 تشرين الأول عام 1929 ، مما أثار الكساد العظيم .
وقال ليونيد كروتاكوف إن من غير المرجح أن نية إيران إنشاء خط أنابيب من العراق إلى سوريا تدفع الأمريكيين لغزو الجمهورية الإسلامية، لكن هذا الخطط تزيد المخاطر في اللعبة السورية بشكل كبير. ويعد أنبوب كركوك ـ بانياس أحد العناصر المهمة في تكامل خط أنابيب أوراسيا، مما سيؤدي إلى إنشاء نظام لإمداد الطاقة إلى أوروبا مستقل عن الولايات المتحدة الأميركية. وأضاف :"من الصعب الآن تحديد حالة خط الأنابيب، لكن إعادة تشغيل الأنبوب، أسهل بكثير من إعادة البناء. وخلص بالقول: إذا لم تكن هذه محاولة لاستفزاز الولايات المتحدة للقيام بردود فعل معينة، فسيبدو المشروع واقعياً جداً. وهناك مستوردون للنفط في أوروبا. ويقول "الخبير إن النفط لا يزال محرك الاقتصاد الحديث، بغض النظر عما يقولونه عن مصادر الطاقة البديلة".