عدوية الهلالي
من هو الأقوى ، من يمتلك العقل والمبادئ والوطنية ولايملك السلاح أم من يمتلك السلاح متجرداً من العقل والمبادئ والوطنية ؟!
في دول عديدة ألقت السلاح وتسلحت بالعقل والمبادئ والوطنية كان النجاح حليف الحكومات والشعب على السواء وازدهرت تلك الدول وأصبحت ماركة مسجلة في عالم التقدم والرخاء مثل اليابان وماليزيا وسنغافورة وغيرها أما الدول التي اعتنقت مذهب السلاح لتعاقب به شعبها مشرعة الأبواب للفساد والفوضى بهدف القضاء على المبادئ وتغييب العقل وطمس الوطنية فقد انهارت أو كادت وعاشت فيها الحكومات بينما يعاني فيها الشعب حالة احتضار دائمة ..
من المؤلم أن نسمع بعد كل هذه السنوات التي ضحى فيها العراقيون بأرواحهم وأمانهم واستقرارهم مقابل بناء دولة قانون ان هنالك في العراق من هو أقوى من القانون وإن من يمنحه القوة هو السلاح فقط لأن من يصبح أقوى من القانون هو أما فريق معارض لأخطاء الحكومة ولابد لهذا ولاشك ان يمتلك العقل والمبادئ والوطنية لتحقيق أهدافه في تصحيح المسار الخاطئ ، أو فريق لايعترف بالحكومة ولاالقانون ولايهمه بناء الدولة وتقدمها فهو يمتلك قوانينه الخاصة ولغته التي تفتقد سمة الوطنية وحلاوة المبادئ وأهمية العقل وكل مايهمه هو بسط قوته بالسلاح للحصول على مكاسب خاصة ، لكن الفريق الثاني هو السائد حالياً في الساحة منذ أن أصبح السلاح أداة متوفرة ويسهل الحصول عليها بلا عقاب أو حساب ومنذ أن تقاسمت الأحزاب السلطة وصار على كل حزب أن يحمي نفسه بإغداق الأسلحة على أفراده ومنحهم صلاحيات استخدامه ، وهكذا صار يمكن أن نسمع عن نشوب نزاعات عشائرية متعددة تستخدم فيها أسلحة ثقيلة ومتوسطة ويقع فيها قتلى وجرحى وتكون الأسباب هي الثأر أو الخلافات بسبب نساء أو حصص أراضٍ ، ومؤخراً شاع سبب جديد وهو الصراع بين العشائر التي تمتهن تجارة المخدرات ، وفي كل الأحوال فهذه العشائر تتجاهل وجود القانون ولاتخشى عقاب الحكومة حتى وإن جرى اعتقال بعض من أفرادها لأن نفوذها يجبر الحكومة غالباً على إطلاق سراحهم مايشير ربما الى وجود علاقات بين تلك العشائر وبعض الفصائل المسلحة المتنفذة في الدولة والتي لاتعترف أيضاً بالحكومة او بالقانون ..
كيف سيمكن لنا إذن أإن نحلم ببناء الدولة وفي أبسط الأحوال بقدرة الحكومة على حماية المواطن من سطوة من هم أقوى من القانون ؟...وكيف يمكن أن نعيد العقل والمبادئ والوطنية الى من تربى على مرافقة السلاح والاحتماء به وتحقيق أهدافه بواسطته ؟..سيكون على الحكومة أن تستنفر كل مالديها من قوة لمحاصرة هذه العشائر ومداهمتها وارغامها على تسليم السلاح أو القائه، وقبل ذلك ، أن تفرض سيطرتها على الأحزاب المتنفذة وترغمها على ممارسة العمل السياسي فقط وليس مهام رجال العصابات ليستعيد البلد استقراره ويحظى ابناؤه بالأمان ، لكنها مهمة ليست سهلة أبداً ويحتاج تنفيذها الى الكثير من القوة والإيمان بأن المستقبل لن يكون لنا اذا ماتفوقت قوة السلاح على سلطة القانون ..نحتاج الى حكومة قوية تقطع رؤوس الافاعي والى شعب يحب وطنه ويسعى لبنائه ..ويبدو ان الحاجة ستظل قائمة طويلاً مادامت قوة السلاح متفوقة على العقل والمبادئ والوطنية ..