علي حسين
في صباح كل يوم أجلس أمام جهاز الكومبيوتر وأتمنى عليه أن يساعدني في البحث عن موضوع لا يصيب القراء الأعزاء بالضجر،
وفي كل يوم أحاول أن استبدل حديث السياسة بأحاديث عن الثقافة، وكنت أنوي اليوم أن أكتب لكم عن الفيلسوف السلوفيني، سلافي جيجك وكتابه الممتع "تراجيديا في البداية، هزلية في النهاية "، والذي يحاول من خلاله أن يكشف عن وجهين للسياسة "وجه تراجيدي وآخر هزلي" وصاحبنا السلوفاني الذي كان يعيش ضمن حدود جمهورية يوغسلافيا، قبل أن تتحول إلى أكثر من ثمان جمهوريات، يحاول أن يذكرنا بزعيم يوغسلافيا جوزيف تيتو، الميكانيكي الذي أصبح واحدا من أهم شخصيات القرن العشرين. والرجل الذي تجرأ على الاختلاف مع ستالين يوم قال له: لماذا تريد جيشاً يوغسلافيا قوياً؟ نحن جيشك. ليجيب تيتو: شيئان لا يمكن استيرادهما، الوطنية والجيش.
سيقول قارئ عزيز مالك يا رجل بدأت بالبحث عن موضوع ، وانتهيت بشعارات عن المواطنة والعمالة؟ ماذا أفعل يا سادة، لا بد من العثور على موضوع بعيدا عن جهابذة الديمقراطية العراقية التي لم يشرحها أفلاطون في جمهوريته، وإنما وضعها محمود الحسن الذي كان يصرّ على أنّ الفساد وشراء أصوات الناخبين والتزوير، لا تعني أننا نعيش في دولة لا يحكمها القانون! .. ربما سيسخر البعض مني ، لأنني لا أريد أن أنسى طلة محمود الحسن وعباس البياتي وعتاب الدوري وعواطف النعمة.. لا يا ياسادة، كنت قد أسدلت ستار النسيان عليهم لو لا الفيسبوك اللعين الذي نبهني إلى صورة باسمة للسيد محمود الحسن مع إعلان ظريف وخفيف عن افتتاح جامعة أهلية يملكها السيد الحسن اسمها كليـة كامبريدج البريطانية فرع العراق، ولأنني مغرم بجامعة كامبريدج البريطانية التي تخرج منها تشارلز داروين ونيوتن وبرتراند رسل وستيفن هوكينغ، فقد شكرت الله على هذه النعمة، فأخيرا سيستعيد التعليم الجامعي في العراق بريقه، لكني ما أن قرأت شروط القبول في كلية محمود الحسن وهي في الحقيقة لا شروط حيث " لا تشترط العمر ولا المعدل ولا حتى الاختصاص" ، ولأننا نعيش في عصر الانترنيت الذي اخترعه لنا البريطاني "تيم بيرنرز – لي"، والغريب أن بيرنرز لم يقبل في جامعة كمبردج، فالتحق بجامعة أكسفورد، فان جولة في الشبكة العكبوتية تخبرنا أن جامعة كمبردج لم تفتح لها فرعا في العراق، وأن ما يفعله محمود الحسن هو محاولة جديدة للضحك على العراقيين، بعد أن ضحك عليهم من قبل حين وزع عقود أراضي مزورة.
كنت أتصور أن خبر كلية محمود الحسن مجرد نكتة، وأن الرجل سعى إلى ترطيب الأجواء وكسر الملل، غير أنه بات من الواضح أن منطق الفشل والخراب سيستمر يحكمنا طويلاً.