علي حسين
يعتقد العديد من مسؤولينا أن بلاد الرافدين التي يحكمونها الآن كانت تعيش في عصور الجاهلية، وقد قيض الله لها رجالا ليعيدوها إلى طريق الصواب،
ولهذا ليس مهما توفير التنمية والازدهار والتعليم والصحة للناس، فهذه أشياء زائلة لا يجوز الانشغال بها، فمهمتنا اليوم مهمة مقدسة وهي دحر كل القوى التي تنادي ببناء الدولة المدنية، ألم يتدروش علينا ذات يوم محمود المشهداني ليعلن أنهم جاءوا لدحر الماركسيين والعلمانيين ، وأنهم انتصروا عليهم؟
في مقابل أخبارنا التي لا تسر عدوا ولا صديقا ، وكان آخرها محاولة شطر القوة الجوية إلى شطرين ، إليكم هذا الخبر من بلاد الكفار والاستعمار بريطانيا، حيث قدم شقيق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، استقالته من الحكومة التي كان يتولى فيها منصبا وزارياً ، مؤكداً أنه يُغلّب "المصلحة الوطنية" على "الولاء العائلي".
الولاء الوطني هو الذي جعل الجنرال ديغول يكتب في مقدمة مذكراته هذه العبارة "كلّ الأسماء تتشابه، لكنَّ أفعال الناس هي مَن تميّزهم".
بالأمس تذكّرتُ الدروس التي تعلّمتها من قراءة مذكرات شارل ديغول والتي اطلق عليها " مذكرات الامل حيث نجده يصرّ بعد تحرير باريس، على أن يكون أول عمل تقوم به الحكومة إعادة بناء دار الأوبرا التي هدمتها قذائف النازيين، وحين يحتجّ أعضاء الحكومة على هذا "البطر" يقول لهم: "علينا أن نشيع الطمأنينة في النفوس، وأن تُدرك الناس أنَّ صفحة الحرب طويت إلى الأبد"، ماذا نتعلّم من دروس التاريخ؟ يبدو أننا نحتاج إلى الكثير وإلّا ما كنا انشغلنا بسؤال عبثي ومضحك مَنْ عينة: إذا تشكلت قوة جوية ثانية.. فلأي جهة سينتمي فريق القوة الجوية لكرة القدم؟.
يريد لنا البعض اليوم أن نظل غارقين في القضايا المصيرية، كأحقية إيران في بناء مفاعل نووي، وقدرة أردوغان على دحر معارضيه، والسعي إلى استنساخ تجربة جزر القمر في التنمية ، لا وجود لقضايا تهم الناس، كالخدمات والأمان والصحة وتطوير التعليم. لا يمكن أن نغفل دورنا الحيوي والمؤثر في مسيرة الشعوب، ولا يليق بالعراق أن يهتم بشؤون مواطنيه ويترك ما يجري في البحرين والسعودية واليمن .
ياسادة، مبروك عليكم أن لا أحد يستطيع إصدار أمر بالسماح للمواطن العراقي بأن يبدي رأيه في القضايا المصيرية ، وهل هو يوافق على أن يكون لنا أكثر من جيش؟ ومبروك لكم أنكم حافظتم على مكانة العراق في سلم الفساد المالي والإداري وغياب الخدمات وفوضى الفشل .. لأن العراق من دونكم لا مكان له على خارطة الدول السعيدة.
أيها السادة: إلى متى سنظل نتحسر على عبارة "الولاء الوطني".