إياد الصالحي
تواصل الرياضة العراقية عروض السيناريوهات المثيرة المحبوكة بالتآمر والخيانة والإنقلاب والتواطؤ والابتزاز والتهديد في فصول طويلة
تعدّد فيها مخرجو فضائحها بنقل مأساتها إلى الخارج عن طواعية وبرعاية إعلامية واسعة غير مستثناة من إتهامات تأجيج الفتنة والترويج للمشكلة والتأثير على الرأي العام بهدف جذب اهتمامه لما وراء الحدث حُبّاً أو بُغضاً بأبطال الفيلم!
على مدار عام كامل، قسَّموا أصداء الأزمات على الأيام والأشهر، وأعادوا مراجعة منتجات التفاعل مع حكايات الصراع الأزلي حول المناصب، ومخلّفات التصريحات الناقمة والجارحة والمخلّة بمبادئ احترام الآخر، وقارنوا بين الخسائر المهولة التي تتعرّض لها الرياضة العراقية طوال السنة نتيجة انشغال البعض بتضخيم حتى توافه الأمور وجعلها قضايا مصيرية، وبين الفوائد المستحصلة لمواكبة تأهيل لاعب بارز والبحث عن سُبل دعم فريق جماعي طموح، وتقديم مقترح ناجع مثل دواء شافٍ لمعالجة مرض مستشرٍ في مفاصل الرياضة، ستكون نتيجة المقارنة صادمة إذا ما علمنا أن أغلب المعنيين من مسؤولين ورياضيين وإعلاميين هم منتجون حقيقيون لمأساة الرياضة وتسويقها في برامج حوارية لا ينقص بعضها في نهاية الوقت سوى جولة تلاكم ساخنة مُكمّلة لشراسة تبادل الاتهامات!
تسعة أشهر مضت، تحوّلت فيه الرياضة من قيمة انسانية عظيمة في معنى العطاء وتحدّي البطل الرياضي أشدّ المنافسات وصولاً الى لحظة وقوفه بمهابة أثناء عزف نشيد الوطن تحت مرأى الملايين لرايته وهي ترتفع لمناسبة فوزه بميدالية أولمبية، تحوّلتْ إلى مَلهاة منوّعة حسب الحدث، فأزمة إنهيار جدار الثقة بين اللجنة الأولمبية والحكومة مستمرّة منذ شباط الماضي، ويستمتع البعض بحلقات تصدّع الاتحادات ومناوشات تشرذم إداراتها وهيئاتها العامة، والمجاهرة بالشكوى ضد أشخاص رياضيين مُكلّفين بتنفيذ إجراءات الإصلاح وإن تلكأ بعضهم، وكأن الحكومة متورّطة في شلّ حركة الأولمبية دون أن تعجّل في استرداد نشاطها أو تقليص مدة عزلها لتهيئة ملف دورة طويكو 2020.
وذاك المدرب السلوفيني ستريشكو كاتانيتش، الذي قاد منتخب بلاده أول مرة في 1 تموز 1998 ثم منتخبي مقدونيا والإمارات، كان ولما يزل مدرباً مغموراً يحتوي سجله التدريبي مع المنتخبات 164 مباراة (63 فوزاً و45 تعادلاً و56 خسارة) وكانت تجربته مع الإمارات مريرة حيث أقاله اتحاد الكرة بعد أقل من ساعتين على هزيمة المنتخب (1-3) أمام المنتخب اللبناني يوم 6 أيلول عام2011 وقبلها بخمسة أيام خسر أمام الكويت (2-3) ضمن تصفيات آسيا المؤهلة لمونديال 2014، ظلّ المدرب محط تشكيك في قدراته وقيمة عقده مع الأسود برغم مضي عام كامل وحتى اللحظة لم يستفد المنتخب الوطني من تواجده بقدر تسليط الضوء على خياراته المتناقضة وضبابية رؤيته في طريق المونديال!
وظلّ الإعلام يتجاهل واجباته إزاء أنشطة جميع الاتحادات لينهمك بمرصاده مع كل تحرّكات نجم الكرة العراقية السابق عدنان درجال الذي لم يكتف بشكواه في محكمة جنايات الرصافة وإنتظار قرار القاضي الحاسم، بل حوّل مسار حقوقه إلى منعطف التفاوض مع أعضاء اللجنة التنفيذية لاتحاد الكرة بطرحه خيارات عدة تسهم في دفعه للتنازل وإنقاذ المتورّطين بجريمة التزوير في ملفه الانتخابي، وما بين تأكيد مقترح استقالة الأعضاء والنفي بشدّة، ثم تعهّد رئيس الاتحاد بالتفرّغ للاتحاد الآسيوي فقط وتراجعه، وتلميح نائب الرئيس بالاعتكاف في بيته، بين كل ذلك لا بدّ من معرفة هل تغيّرت معادلة الإصلاح الذي يسعى اليها درجال ومؤيدوه لتكون تضحية اللجنة التنفيذية بمقاعدها تساوي أخفاء ملفين مهمّين عن الحكومة والقضاء والفيفا وهما (التلاعب بالنظام الأساس وأوراق تثنيات المرشحين) فضلاً عن إسقاط حقّه عن تبعات التزوير في قرار معاقبته من لجنة الانضباط؟! هل يواجه درجال تهديدات وضغوطات منعته من المكوث في الدوحة وترقب قراري القضاء المحلي والدولي لاسيما أنه لم يقترح (اجتماع الدوحة) ولم يستجب قبله لنداءات المجالسة لحل الأزمة، ولا يفكّر إطلاقاً بكرسي رئيس الاتحاد ما بعد 31 أيار 2018 بشكل مؤكد يعرفه المقرّبون منه؟! إذن ما سرّ المفاوضات المستمرّة وزجّ مستشار رئيس الوزراء الرياضي إياد بنيان للعب دور الشاهد الحكومي على أي اِتفاق بين الطرفين فيما الرجل أكد لنا بصراحة أن حضوره كان شخصياً وليس رسمياً!
واأسفاه .. أن ثيمة "الشرّ المُضمر" في نفوس صُنّاع مَلهاة الرياضة حوّلتها إلى كيان مشبوه لا يصلح حتى لخداع الناس بصفاء نهجها ورصانة مبادئها ونزاهة مصالحها، فكل يوم وشهر وسنة نمارس قتل الرياضة جهاراً وندّعي - بلا خجل - البراءة من ذنبها!