TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جيبك ما ينترس ؟!

جيبك ما ينترس ؟!

نشر في: 11 نوفمبر, 2012: 08:00 م

صفقة الأسلحة، التي هلل وطبّل لها أعضاء دولة القانون وسبحوا بحمدها بحجة أنها من أجل "حماية" العراق و "صيانة" سيادته، انكشف أمرها بأنها خطة دبرها لصوص محترفون كنا نعرف ماضيهم  قبل أن يعرفهم رئيس الوزراء ويقربهم لحاشيته. تسرب لنا يوما أن فيهم من قال له المالكي بنفسه: "شنو يا (...) انت جيبك ما ينترس؟". لكنه مع هذا ائتمنه وكأنه "ودّع البزّون شحمة".

تقول الأخبار إن "الحكومة ورئيس الوزراء بينوا أن صفقة شراء الأسلحة الروسية فيها شبهة واضحة وفساد يصل إلى 195 مليون دولار". وان "رئاسة الوزراء ألغت هذه الصفقة وتم تشكيل لجنة جديدة للتفاوض غير التي أُرسلت إلى روسيا سابقاً". يا لها من سخرية تدمي القلب من الضحك والقهر في آن. أهكذا، إذن، يعاقب المرتشي والمفسد في شرع دولة القانون؟  أليس هذا حكما مضحكا  لم نسمع به حتى في  "حكم قره قوش"؟

الصورة، بالنسبة لي، أراها مثل حكومة تبني مدرسة ثم اكتشفت عند آخر مرحلة من البناء أن هناك شبهة رشوة كانت وراء تسليمها لمقاول معين. لم تعاقب الراشي والمرتشي بل أمرت بهدم المدرسة وتحويل بنائها لمقاول آخر. وهذا هو الذي "اجه يكحلها عماها". وحكومة يقودها عقلها وضميرها لهذا النوع من التفكير تكون مثل ذلك "الحكيم" الذي أراد أن يخلص رأس الثور الذي عصا بالحِب، فقطع رأسه أولا ثم صاح: الآن اكسروا الحب فكسروه، وتدحرج رأس الثور.

لقد كان في ما دار من شبهات حول تلك الصفقة فرصة للمالكي بأن يأمر بإقالة، أو على الأقل تجميد، من حامت حولهم الشبهات وأن يحيلهم لمحكمة علنية على الفضاء. أعرف أن ذلك ليس سهلا عليه لأن بعض من وردت أسماؤهم مقربون منه، لكنه إن أراد لهذا البلد أن يتطهر من المفسدين فليبدأ بأقرب المقربين.

أعلم انه سيتخذ قرارا أقسى من هذا بكثير لو قيل له إن مجموعة من الأيتام أو الأرامل أو البطّالة قد تظاهروا بساحة التحرير مطالبين بحقوقهم. هل فينا من ينسى كيف كان قاسيا في ردة فعله حين تظاهر العراقيون؟

لا أظن أن الفرصة قد ضاعت من يديه. انه لا يحتاج إلى غير أن يعود لقناة العراقية ليطل منها عدة دقائق، وليس ساعات مثلما اعتاد أن يفعل. ومن شاشتها يقول للناس، بعد أن يعتذر عن صمته تجاه أخبار فساد الصفقة:  لقد آن أوان حساب المرتشين والمفسدين وأنا بريء مما فعله المقربون. 

ولكي أكمل نصيحتي له بكل إخلاص، أتمنى عليه ان يستمع لواحد من منولوجات عزيز علي. وأعتقد أن المنولوجات ليست من المحرمات. أضمن له أن لو طلب بثه بعد إعلانه عن محاكمة المرتشين سيثلج قلوب العراقيين التي أدماها خراب المفسدين. فعلا سيكون ذلك "خارج المألوف" لو ظهر المالكي معلنا قراره القوي والشجاع ومن بعده يغنينا عزيز علي:

يا جماعة والنبي هذي والله بستان .. ما ملكها إنسان

وحنا يا وسفة أهلها .. تاركيها من زمان

دشر كلمن جا دخلها .. صايره خان اجغان

بابها مفلش مهدم .. والحرامية تحوف

وطوفها معرعر مثلم .. واكعيلك بيها حوف

والنواطير النشامة .. ذوله حلوين الجهامة

صلوات على النبي ..

نايمين شلون نومة مستريحة بمذهبي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

العمود الثامن: لماذا خسرت القوى المدنية ؟

العمود الثامن: مع الاعتذار لعشاق الانتخابات !!

عندما يجفُّ دجلة!

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية

العمود الثامن: مع الاعتذار لعشاق الانتخابات !!

 علي حسين أثار المقال الذي نشرته أمس في هذا المكان بعنوان " لمذا خسرت القوى المدنية " انزعاج البعض ، وشتائم البعض الآخر وسخرية مَّن يعتقد أننا نعيش أزهى عصور الديمقراطية ، وأن...
علي حسين

باليت المدى: الأخوات العشر

 ستار كاووش ثلاث ساعات بالقطار كانت كافية للوصول من شمال هولندا الى مدينة كولن الألمانية. هي ثلاث ساعات فقط، لكنها كانت كفيلة أيضاً بنقلي من عالم الى آخر. ترجلتُ عند محطة كولن وسحبتُ...
ستار كاووش

حوار نووي ساخن: هل تهدد موسكو وواشنطن بعضهما الآخر بالأسلحة الفتاكة؟

د. فالح الحمـــــراني منذ أن أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 تشرين الأول بيانًا يأمر فيه البنتاغون ببدء تجارب الأسلحة النووية "على قدم المساواة". وموضوعة الأسلحة النووية باتت الشغل الشاغل ليس لوسائل الإعلام...
د. فالح الحمراني

الفوز اللافت لزهران ممداني: "مقاربة عراقية"

د. أحمد عبد الرزاق شكارة الفوز اللافت لزهران ممداني في انتخابات عمدة نيويورك يجعلنا نفكر في الدلالات والتداعيات لمثل هذا الزلزال ليس فقط على الصعيد الأمريكي وإنما في العراق ذاته في مقاربة (مع الفارق...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram