علي حسين
عام 1965 قرر رئيس وزراء ماليزيا آنذاك، تونكو عبد الرحمن، أن يطرد سنغافورة من الاتحاد الماليزي،
في ذلك الوقت سأل أحد الصحفيين رئيس وزراء سنغافورة ماذا سيفعل؟ كانت الجزيرة بلا موارد تجارية، ولا طبيعية، فأجاب لي كوان :"سنشكل حكومة نظيفة، وسنحرص على إخضاع كل دولار من الإيرادات العامة للمساءلة، والتأكد من أنه سيصل الى المستحقين من القاعدة الشعبية من دون أنّ ينهب في الطريق". عندما ودع لي كوان الحياة ، كانت الأرقام تشير الى ان سنغافورة حصلت على الدرجة الأولى في آسيا بدخل المواطن الذي يصل إلى 60 ألف دولار سنويا، مع اقتصاد يتجاوز الـ 500 مليار دولار سنويا .
سيقول البعض يارجل مالك تعيد وتزيد في حكاية سنغافورة، ولا تريد أن تلاحق المثيروتلقي الضوء على الحاضر وكيف أن إحدى العشائر قررت أن تشكل قوات للرد السريع، يا سادة أردت أن أشارككم صورة النائبة هيفاء الأمين وهي تتسامر مع المستشارة حنان الفتلاوي، ولكن خشيت من ان اتهم بالفضول ، فما الضير أن تجلس نائبة مع مستشارة حكومية ؟ لا ضير ياسادة لو لم تخرج هذه المستشارة قبل أسابيع تسخر من الحزب الشيوعي والقوى المدنية وتتحداهم إن كانوا قدموا تضحيات للوطن!! .. إذن لنترك العشائر والميامرات ولاحدثكم عن كتاب بعنوان "بناء سنغافورة" يتتبع مؤلفه وهو باحث أميركي من المغرمين بتجربة العجوز الراحل لي كوان، كيف تم تأسيس نظام الكفاية لكل المواطنين.. مع شعار الحق في السكن والصحة والتعليم. أما نحن يا سادة فما نزال نستمع إلى الأخبار الصادرة عن تهديم بيوت الفقراء لأنهم متجاوزين.. وأن القانون يجب أن يطبق.. وماذا يا سادة عن حيتان التجاوز الذين استولوا على القصور والأراضي الشاسعة دون أن يقترب منهم شفل واحد؟، وماذا يا سادة عن الوعود التي أطلقتها الحكومات منذ 2003 وحتى لحظة كتابة هذه السطور عن مشاريع الإسكان والتنمية والصحة والتعليم والكهرباء التي لا نزال نتوسل إيران حتى لا تقطعها عنا؟، كل يوم تسرق أموال البلد، لكن البرلمان والحكومة مشغولان بتغريدات فائق الشيخ علي، لأن خطرها أكبر من نسبة الفقر التي يعيش فيها أكثر من نصف الشعب؟.. في كل مرة تطلب الحكومة من الفقراء والمعدمين وحدهم أن يتحملوا أكثر مما يتحملون، وأن يشدوا الأحزمة، لكن ماذا عن الطبقة التي انتعشت أحوالها بعد عام 2003 وأكلت الأخضر واليابس؟ ربما يعترض البعض ويقول لماذا لا تكتب عن الصين التي يزورها وفد عراقي بحجم عشيرة كاملة؟ لأن الصين الحديثة استمدت تجربتها من سنغافورة، كان الزعيم الصيني دينغ شياو يقوم بزيارات خاصة إلى سنغافورة ليكتشف بنفسه وصفة تطورها السحرية التي تتلخص في احترام المواطن .