بغداد / محمد صباح
خلال الساعات المقبلة ستحسم الاجتماعات مصير 4 آلاف موظف و37 مفتشا عاما يمسكون بمكاتب المفتشين العموميين في الوزارات
تمهيدا لعقد جلسة برلمانية ساخنة للتصويت على قانون إلغاء مكاتب المفتشين العموميين.
بالتزامن مع ذلك، تقول مصادر برلمانية ان حكومة عادل عبد المهدي سحبت تحفظها على تشريع القانون، فيما الرأي العام داخل البرلمان باتجاه إنهاء المكاتب التي تتهم بالفساد.
وقبل المضي بالتشريع يدرس مجلس النواب مع ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة خيارات عدة لتلافي مشكلة "مصير موظفي المكاتب ورؤسائها"، فيما هناك مقترحات لتشكيل "دائرة تحقيقات" تابعة لاحدى الجهات الرقابية تستوعب المفتشين وبعض الموظفين الكفوئين، اما الموظفون الآخرون سيخيرون بين البقاء في وزاراتهم أو امكانية نقل خدماتهم إلى الدائرة الجديدة بعد استحداثها.
وقدم تحالف سائرون طلبا إلى رئاسة مجلس النواب قبل مدة موقعا من اكثر من خمسين نائبا اقترح تشريع قانون لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين.
وتقول عضوة اللجنة القانونية في مجلس النواب بهار محمود في تصريح لـ(المدى) ان "الاسباب التي دفعت مجلس النواب لتبني إقرار قانون الغاء المفتشين العموميين تأتي كون تأسيس هذه المكاتب ووجودها غير دستوري"، موضحة أن "الدستور لم ينص على تشكيل مكاتب المفتشين العموميين".
ويعود أصل فكرة تأسيس مكاتب المفتشين العموميين في المؤسسات الحكومية إلى عام 2004 عندما اصدر الحاكم المدني في العراق الامريكي بول بريمر قرار رقم 57 بتشكيل هذه المكاتب مهمتها مراقبة حالات الفساد في مؤسسات الدولة.
ولم يتطرق الدستور إلى اصل وجود مكاتب المفتشين العموميين في مواده ولم يعتبرها كإحدى الهيئات او الجهات الرقابية مثل (هيئة النزاهة ديوان الرقابة والادعاء العام ومجلس النواب)، بحسب النائبة بهار محمود، متسائلة "أي جهة تتبنى المفتشين العموميين، هل الوزارة التي يعملون على مراقبتها أو جهة ثانية؟".
وتعتقد النائبة عن كتلة التغيير الكردستانية ان "تأسيس هذه المكاتب كان خطأ كبيرا يحتم على مجلس النواب تصحيحه"، لافتة إلى ان "هناك شبه اجماع داخل مجلس النواب على تمرير قانون الغاء مكاتب المفتشين العموميين".
وأثار قرار اتخذه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بإعادة تدوير مفتشين سابقين بين الوزارات، وتعيين مفتشين جدد لوزارات وهيئات مستقلة قبل عدة ايام ردة فعل من مجلس النواب دفعته (البرلمان) إلى تبنى موضوع إلغاء المفتشين العموميين.
وارتكز مجلس النواب في تبنيه لفكرة الغاء المكاتب على قرار اتخذه في شهر آذار الماضي والذي الغى به من حيث المبدأ مكاتب المفتشين العموميين، فيما اكد قرار البرلمان ان هذه المكاتب لم تتمكن في السنوات السابقة من إيقاف هدر المال العام، ولابدَّ من تفعيل دور هيئة النزاهة والرقابة المالية.
الاجراءات البرلمانية لا تبعد او تقصي اي موظف يعمل في مكاتب المفتشين العموميين بعد الغائها، طبقا للنائبة محمود، موضحة: "على جميع الموظفين ان لا يقلقوا من اجراء مجلس النواب لاننا تمكنا من معالجة موقفهم بصورة لا تؤدي إلى الضرر".
وتظاهر المئات من موظفي مكاتب المفتشين العموميين، قبل ايام، في المنطقة الخضراء وسط بغداد احتجاجا على قرار مجلس النواب بالغاء مكاتبهم.
وفي هذه الاثناء يكشف مصدر في رئاسة مجلس النواب أن "جلسة السبت المقبل ستشهد التصويت على الغاء قانون مكاتب المفتشين العموميين"، مؤكدا "وجود شبه اجماع داخل البرلمان على تمرير مقترح القانون في جلسات الاسبوع المقبل".
ويفسر المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه في تصريح لـ(المدى) "الاجماع الحاصل بين القوى البرلمانية على الغاء هذا القانون يعود إلى أن اغلب مؤسسات الدولة تشتكي من وجود دائرة المفتشين العموميين والتي اعتبرتها بوابة من بوابات الفساد".
ويضيف أن "الكتل توصلت إلى قناعة ان ديوان الرقابة المالية يكفي لمراقبة حالات الفساد ورصدها في جميع مؤسسات الدولة".
ويلفت إلى ان "بعد الغاء القانون سيتم نقل خدماتهم (المفتشين العامين) إلى هيئة النزاهة، اما الموظفين سيتم ابقاؤهم في ذات الوزارات التي يعملون فيها".
بالمقابل تؤكد لجنة النزاهة البرلمانية أنه "في بداية الامر كان هناك اعتراض من قبل الحكومة على قرار مجلس النواب بالغاء مكاتب المفتشين العموميين لكن اليوم هناك تفاهم بين الحكومة والبرلمان على تشريع هذا القانون".
ويضيف عضو اللجنة صباح طلوبي العكيلي لـ(المدى) أن "عدد المفتشين العموميين العاملين حاليا يصل إلى 37 مفتشا عاما الذين هم بدرجة وكيل وزير"، منوها إلى ان "موضوع تحويلهم إلى هيئة النزاهة من عدمه لم يحسم بعد".
وهناك عدة خيارات مطروحة للتعامل مع المفتشين العموميين بعد تشريع القانون وفق العكيلي، مشيرا إلى أن "هناك من يقترح استحداث دائرة تحقيقات في هيئة النزاهة أو في ديوان الرقابة المالية تجمع المفتشين وبعض الموظفين الكفوئين"، مؤكدا أن "هذا الموضوع ما يزال قيد النقاش ولم يبت به".
ويتابع: "اما الموظفون سيخيرون بين البقاء في الوزارات التي يعملون بها وبين نقل خدمات بعضهم (الكفوئين) إلى الدائرة الجديدة التي يرجح ان تكون في ديوان الرقابة المالية"، لافتا إلى ان "هناك بعض الموظفين لديهم مشاكل وعليهم ملاحظات سيتم تدويرهم".
ويكشف أن "عدد موظفي مكاتب المفتشين العموميين يصل إلى اربعة آلاف موظف في جميع المحافظات العراقية".