علي حسين
وأنت تشاهد عزيزي القارئ ، صور سحل وضرب الشباب أصحاب الشهادات العليا الذين اعتصموا سلمياً أمام مجلس الوزراء
مطالبين بفرص عمل، هل سألت نفسك عن أن العراقيين الذين قدموا كل هذه التضحيات من أجل الديمقراطية التي يتغنى بها معظم المسؤولين، يجدون انفسهم اليوم وكأن شيئاً لم يتغير وان الاجهزة الامنية لا تزال تمارس دورها القمعي الذي مارسته مع شباب تظاهرات 2011 ، ومع المحتجين في البصرة، ومع كل من تسول له نفسه ان يقول: انا املك حقوقا في هذه البلاد . من باب التذكير فقط احيلكم الى خطابات ومناحات قام بها اعضاء "اجلاء" في مجلس النواب وهم يشاهدون الشرطة البحرينية تستخدم العنف في تفريق التظاهرات، والتي كانت في المنامة وليس بغداد ، ولا اريد ان اذكركم بالخطاب الحماسي الذي القاه آنذاك إبراهيم الجعفري تحت قبة البرلمان العراقي، وطالب الحكومة العراقية، وهو دامع العينين، بأن تعلن الحداد حزناً على شباب التظاهرات في المنامة الذين تعرضوا الى ضرب بالهروات مثلهم مثل شباب التظاهرات في العراق، بل ان في العراق غيّب العديد من المحتجين ، وقُتل بعضهم دون ان تدمع عين مسؤول عراقي.
لنترك دموع الجعفري التي ربما يذرفها الآن بسبب غيابه عن شاشات الفضائيات، ونطرح سؤالاً بسيطاً واحداً: مَن المسؤول عما يحدث؟ المواطن المحاصر بالبطالة وسوء الخدمات والأمراض والفقر، أم الحكومة التي تعهدت باطلاق الوظائف ومعالجة الوضع الاقتصادي وتقديم الفاسدين إلى القضاء وإرجاع الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، وإعلاء شأن التنمية ومعها الرخاء والعدالة الاجتماعية، لنكتشف بعد هذه السنوات العجاف أنّ الجميع طلاب سلطة ، وليس طلاب عدل وتنمية وبناء؟ .
كنّا جميعاً أنتم وجنابي نحلم أن يكون العراق بعد عام 2003 بلداً للرفاهية والعدالة والقانون، وأن يخرجنا قادةُ العراق الجدد من عصور الخوف. لكنّ الذي حدث كان خارج الأحلام. اختُطف التغيير من قبل أحزاب سعت إلى أن تفصِّل الحكم على مقاسها الخاص، وأصبحت العدالة الاجتماعية، والتسامح والعيش المشترك مؤامرة ماسونيّة. ولم تعد هناك حدود للموت والقتل والخراب. وتحقّق شيء واحد: دولة الفرهود. في كل يوم يكتشف المواطن العراقي انه على حافة المجهول. والمجهول في كل مرة مؤلم، لأنه يتعلق بمستقبل الملايين من الناس الذين لاتعنيهم معركة أحزاب السلطة على كراسي الحكومة، ما دام الخراب يخيم على مؤسسات الدولة .
كان الروائي الايطالي الشهير ألبرتو مورافيا يقول لا يمكن ان تكون هناك إيطاليا إلا إذا اعترف السياسيون أن هناك دولة إيطالية قبل ان يكون هناك سياسيون، مشكلتنا أن السياسيين يعتقدون أنهم وُلدوا قبل الدولة والوطن، ولولاهم لضعنا وضاع العراق!!.