TOP

جريدة المدى > غير مصنف > فولتير في إنكلترا هرباً من الباستيل

فولتير في إنكلترا هرباً من الباستيل

نشر في: 4 مايو, 2010: 05:31 م

الكتاب: الرمــــــادتأليف: إيان ديفيد سونترجمة: ابتسام عبد اللهقال فولتير:" كم أحب الجرأة الانكليزية!. كم أحب أولئك الذين يقولون ما يفكرون فيه!."كانت هذه الجملة قد وردت في رسالة من فولتير الى صديق له، في تعليقه على جرأة سويفت في" (قصة حوض) حيث يقول" انه بيت كنوز من النوادر، لا يعلم عنه العالم.
 وسويفت يمتّع ويعلّم الجنس البشري". وإن أحب فولتير الجرأة الانكليزية، فذلك لأنه في فرنسا القرن الثامن عشر لم يكن باستطاعته التعبير عما يفكر فيه، وهكذا كانت فرنسا في عصر التنوير. كان المفكرون الفرنسيون من أمثال ديدرو، روسو، ومونتيسيكو يستكشفون عوالم جديدة من الأفكار ولكنهم كانوا اقل حرية في التعبير أو الكتابة عن نيوتن أو جون لوك أو آدم سمث، الذين يعيشون عبر القنال.وقال فولتير في منتصف القرن، "من المستحيل لكاتب يفكر بحرية ان لا يضطهد في فرنسا". وكان هو نفسه قد سجن مرتين في الباستيل وأمضى حياته في صراع مع السلطات المستبدة.وقد سجن فولتير للمرة الأولى في الباستيل، وهو في العشرينيات من عمره بسبب كتابته أبيات شعر تهاجم دوق اورليان. ولم يقدم إلى المحاكمة أمضى في السجن عاماً، لأن الدوق أراد ذلك. وبعد تسعة أعوام، في 1726، القي في السجن ثانية بدون محاكمة ايضاً، وفي تلك المرة بسبب شجار في مكان عام مع رجل من النبلاء. وخشي فولتير آنذاك، من تمضية فترة طويلة في الباستيل، فآثر ان ينفى الى انكلترا بدلاً عن ذلك، ووافقت السلطات، قصيرة النظر، على طلبه.عندما وصل فولتير الى انكلترا، كان مايزال تعتريه مشاعر الصدمة لوصوله الى بلد غريب للمرة الأولى، ولا يمتلك شيئاً من النقود، وحيث لا يعرف أحداً ما ولا يعرف كلمة من اللغة الانكليزية، وكان لابدّ من إصابته بالإحباط. ولكن فولتير تعافى تدريجياً، وارتفعت معنوياته وبدأ في تعلم اللغة.وفي الحقيقة، تعلم الانكليزية بصورة جيدة جداً، وسرعان ما بدأ الكتابة بها بطلاقة وثقة. وكتب بالانكليزية لصديقه نيكولاس- كلود ثيرو،" أرسل إليك قصيدتين أو ثلاثاً للشاعر بوب الانكليزي الأفضل من انكلترا وفي العالم في الوقت الحاضر. أرجو ان تعرف الانكليزية الى درجة تتيح لك التعرف وتذوق سحر هذه الأعمال".ولكن فولتير لم يسيطر على اللغة الانكليزية تماماً حتى بدأ يرتاد المسارح. وكان في فرنسا معتاداً على ان التراجيديات كافة يجب وضعها في قالب من الجدية والنبالة الراقية حسب قواعد أرسطو. أما في انكلترا فقد اكتشف فجأة مسرحيات شكسبير التي لا تخضع للقواعد المألوفة، وحيث المسرحيات التراجيدية تتضمنها مشاهد كوميدية، وحيث شخصيات النبلاء تقف جنباً إلى جنب الفلاحين والفنانين وحيث تجري حركات كثيرة على خشبة المسرح. وقد فزع فولتير تجاهل شكسبير قواعد الذوق السليم، ووجده فظاً، لكنه وجده ايضاً يفرض نفسه على الجمهور. وكتب لصديقه،" لو رأيت مسرحية شكسبير، كما فعلت، لوجدت مشاهد الحب التي لدينا باهتة جداً."وازدادت تجربة فولتير بالمسرح الشكسبيري، والصعوبات اللغوية بدأت تختفي مع اختلاطه بالعالم الثقافي. وهو عبر الكسندر بوب، قابل ايضاً جون غي، مؤلف،" شحاذو الأوبرا، وكوللي كيبر، وهو ممثل وشاعر معروف، وويليام جيتوول، في مسرح دروري لين. وكان جيتوود، يقدم لفولتير، عند حضوره مسرحية ما، نصاً لها، لمساعدته على تتبعها.وفي خلال إقامته في لندن، أنشأ فولتير صداقة مع جوناثن سويفت واستتمتع كثيراً بقراءة (رحلات كليفر)، التي صدرت بعد وصوله الى انكلترا:" انه كتاب ممتع، مع خفة في الأسلوب، وفيه سخرية من الجنس البشري." وطول حياته، كان فولتير منجذباً الى الأعمال الانكليزية الخفيفة واللاذعة، ومنها رواية(توم جونز) تأليف هنري فيلدينك، وكتاب لورنس ستيرن،(تريستان شاندي)، الذي نال إعجابه الشديد.وبعد عودته الى فرنسا،بدأ كتابة ما أصبح،(رسائل فلسفية)، وتعرض مرة اخرى لتجربة الرقابة الحكومية الرسمية وقوتها. إذ لم يكن يسمح لنشر أي شيء دون المرور على الرقابة والموافقة عليها، ولم يكن لأي مطبوع الإفلات من أعين الشرطة. والوسيلة الوحيدة لنشر كتاب يثير الجدل هو طبعه في الخارج أو بدون اسم، وفيهما ايضاً المخاطر. وعلم فولتير لو أنه كتب عن انكلترا، لكان عليه الكتابة عن إسحاق نيوتن وجون لوك. ولكن فيزياء نيوتن وفلسفة لوك كانتا ممنوعتين كنسياً، حيث السلطات الفرنسية كانت تلتزم بفلسفة ديكارت.ولم يستطع فولتير الحصول على موافقة لطبع كتابه في فرنسا، وعندما طبعه بلا موافقة، صدر في عام 1734 أمر بسجنه، فاضطر للهرب الى كوخ في منطقة نائية، شرق فرنسا. ولم تطارده السلطات بعد ذلك، ولكن الأمر بحقه لم يلغ.ولم يعد فولتير الى انكلترا قط، ولكن انكلترا بقيت في ذاكرته دوماً، كدولة نقيض فرنسا، لتعدديتها، والدين المتسامح فيها، وتساهل النظام القانوني وانفتاحها. وفي عام 1764، طبع (بدون اسم) مؤلفه: قاموس الفلسفة، وسرعان ما تم منعه من قبل السلطات، وبعد عام على ذلك، وعندما صدر حكم بالموت على الشيفاليه الشاب دي لابار، بتهمة الزندقة، كان من بين الادلة المقدمة ضده حيازته قاموس فولتير. وقطعت رأس لابار وأحرقت جثته علناً مع نسخته من كتاب فولتير.وفي الستينيات من القرن الثامن عشر،

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram