TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: معليه

العمود الثامن: معليه

نشر في: 7 أكتوبر, 2019: 07:29 م

 علي حسين

من حق العراقيين الذين قُتل منهم خلال ثلاثة أيام سوداء ما يقارب المئة شاب وجُرح المئات، أن يخرج عليهم مسؤول ليقول وبكلام واضح وصريح:

 من يقف وراء استهداف المتظاهرين، ومن هي الرؤوس التي أدارت الأزمة وكانت ترفع شعار استباحة الدم العراقي؟

ما جرى خلال الأيام الثلاثة الماضية يثبت بالدليل القاطع أن البعض من المسؤولين لا يزال يحن الى أيام حقبة "القائد الضرورة" ، لأن سلوكيات الذين أصدروا الأوامر بقتل المتظاهرين ليست بعيدة عن نظام دولة المخابرات ودهاليزها السرية .

لسنا مجموعة من العميان حتى لا ندرك أن البيانات التي صدرت من جميع الأطراف كانت محاولة لذر الرماد في العيون، فالجميع ظهر وهو يرفع شعار "معليه" ، ولست مسؤولا عن ما حدث .

كانت الناس تنتظر بيانا حاسما وشديدا من المرجعية، فاذا بالبيان يعيد نفس خطابات الجمع السابقة، وكأن الدماء التي سالت لا تعني أحدا، فالمهم الحفاظ على النظام السياسي.. وأن يظل الوضع على ما هو عليه، وأن يعيش الناس في ظل نظرية "معليه".

فيما أصر رئيس الوزراء على أن يقول لنا إنه ليس في الإمكان أحسن مما كان، وإن رفع الصبات من الشوارع حقق نهضة عمرانية واقتصادية وتنموية، فيما حرص رئيس مجلس النواب على أن ينبهنا إلى أن مجلس النواب "معليه"، وأن الأمر يتعلق بالحكومة، وهي نفس العبارة التي ترددت في بيانات رؤساء الكتل السياسية، حتى صارت واحدة من العبارات التي تخفي وراءها جبلاً من الأكاذيب والأوهام.

تحتوي سلة أوهام المسؤولين العراقيين، حتى الآن، على بيوت للمواطنين، وتعيينات لكل العاطلين، وضماناً صحياً، ومدناً جديدة، ومشاريع صناعية، وأراضي مزروعة، وأخيرا معامل أسلحة ثقيلة. 

16 عاما من بيع الوهم للعراقيين، تتساقط فيهما الوعود وتنفضح الأكاذيب الخاصة بالرخاء الاقتصادي، والاستقرار السياسي، والهدوء الأمني، يتضح فيها بما لا يقبل الشك أن الجميع لا يجيد تجارة، إلا تجارة الوهم.

وها هي سنوات طويلة مرت على بيع وهم التغيير للعراقيين، من دون أن يلمس له أحد أثراً ، أو يرى له بناءً يرتفع، او مصانع تعمل أو مستشفيات حديثة تفتح أبوابها للمرضى، أو تعليما متطورا، لكن الجميع يصر أن يستثمر في الوهم لعباً بعقول العراقيين وأحلامهم. 

بقي أن تعرف أن الوهم ببلاد متطورة وديمقراطية يحسدنا عليها الجميع بلغ ثمنه أكثر من تريليون دولار، ذهب معظمها في جيوب أصحاب شعار "معليه"، فيما المواطن المسكين يخسر كل يوم حاضره ومستقبل أبنائه، ليجد نفسه أمس، وبعد ستة عشر عاما من الخطابات والشعارات وانتخاب جماعتنا، وطرد جماعتهم، في مواجهة كلمة واحدة "معليه". 

وكل معليه وأنتم طيبون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram