TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مندسين ؟!!

العمود الثامن: مندسين ؟!!

نشر في: 7 أكتوبر, 2019: 07:59 م

 علي حسين

لا يخدعنكم الكلام المعسول والمنمق الذي اطلقه معظم المسؤولين خلال الايام الماضية من أن الاحتجاجات حق مشروع ،

كما جاء في بيان رئيس الجمهورية وفي خطب رئيس الوزراء وفي الوقفة التلفزيونية التي ظهر بها رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، كل هذا الكلام لا يدخل عقل طفل، لأن الذي يحترم حق المواطن في أن يحتج ويتظاهر ويطالب بحقوقه، لا يحاصر متظاهرين شباب ويمزق أجسادهم بالرصاص، ولا يؤلب المجتمع على بعضه، ولا يرتد بنا إلى عصر وطبان وسبعاوي، فالهجوم البربري على شباب التظاهرات في بغداد وذي قار وميسان وديالى ليس فقط جريمة، لكنه فضيحة مكتملة الأركان تكشف لنا أي نوعية من البشر يحكموننا.

الجميع للأسف بما فيهم الناطق باسم وزارة الداخلية يعيشون حالة يصفها علماء النفس بأنها تدعى حالة إنكار. هذه الحالة تجعل من يعيش فيها لا يرى الواقع، بل يرى فقط ما يتصوره هو، لا يصدق الحقائق الموجودة على الأرض، بل الأوهام التى يتخيلها، والتي يريد من الجميع أن يصدقها.. ففي لفتة "بارعة" أخبرنا اللواء سعد معن "مشكورا" بأن الذين أطلقوا الرصاص على المتظاهرين "مندسين" على الأجهزة الأمنية، وأن هؤلاء المندسين استطاعوا أن يتسلقوا البنايات العالية، ويمارسوا هوايتهم في قنص المتظاهرين.

حالة الإنكار عاشها كثيرون من قبل، وفي التاريخ القريب فإن السيد نوري المالكي حتى هذه اللحظة يعتقد أن مخلوقات فضائية هي التي مزقت أجساد شباب تظاهرات شباط 2011، وبسبب حالة الإنكار التي هي حالة مرضية أصدر الصحفي الأميركي الشهير بوب وودود كتابا عن جورج بوش اسماه "حالة إنكار"، ونحن نعرف أن معظم مسؤولينا هم تلاميذ نجباء للولايات المتحدة الأميركية.

العالم كله تأكد أن السيد نوري المالكي ومعه أركان قيادته أخطأوا في قضية الموصل ، لكن السيد المالكي ومعه مقربيه لا يزال يمارس حالة إنكار ويتصور أن هناك مؤامرة ضده .

كان تشرشل قد قاد بريطانيا للانتصار على النازية، لكن رغم ذلك أسقطه الشعب، لم يقل إن البريطانيين شعب ناكر للجميل، وانصرف إلى بيته في هدوء، وهو ما حدث مع ديغول الذي حرر فرنسا من قبضة هتلر، وما حدث قبل اشهر من ميركل التي حققت طفرة اقتصادية لالمانيا . 

فى البلدان التي تمارس الديمقراطية الحقيقية، يغير الشعب الحاكم، بسهولة لكن فى بلداننا التي يراد لها أن تعيش ديمقراطية حنان الفتلاوي، فإن الموت هو جزاء كل من تسول له نفسه الخروج في الساحات للمطالبة بالتغيير.

معظم مسؤولينا يعيشون حالة إنكار.. ويتصورون أن الشعب يريد منهم الاستمرار في السلطة، فما السبيل لإقناعهم بأن صلاحيتهم انتهت عند إطلاق أول رصاصة على صدر متظاهر . 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram