محمد حمدي
في خضم أحداث كثيرة رياضية وغير رياضية لا تسرّ الحبيب مهما حاولنا التجميل، يبقى للرياضة ولكرة القدم تحديداً مفعول السحر لإضافة بصمة من الأمل قد نعدها فترة لإلتقاط الانفاس وإعادة برمجة الروح والعقل والتفكر لمن يقدّم العراق أولاً بثقله الكبير.
نعم فسحة من الأمل ننتظرها مع جمهورنا الكبير من ملعب البصرة الدولي حين يلاعب منتخبنا الوطني اليوم نظيره هونغ كونغ ضمن تصفيات مونديال العالم قطر 2022، ولازال المشوار في أوّله نحو التأهل مع المدرب السلوفيني كاتانيتش الذي كسب نقطة واحدة من غريمه البحريني على أرضه، وهي بالمحصّلة نقطة ثمينة لها حسابات غاية في الأهمية كون مباراة المرحلة الثانية لمباريات المجموعة الثالثة التي نلعبها أمام البحرين ستكون في البصرة ملعبنا الكبير وفرس الرهان للفوز الذي نتمنّى أن يكون صريحاً ولا نخسر به أية نقطة قد تكلّفنا الكثير لأننا بذلنا من الجهد والعمل المتواصل سنيناً طوال قبل استعادة حقنا الطبيعي في تضييف المباريات الرسمية على أرضنا وبين جماهيرنا، وهذا الحق تكفّل به موقف رسمي على أعلى المستويات ليكون حقيقة شاخصة لها دلالات كبيرة لا يمكن التفريط بها.
عموماً ومع كل ما تقدمنا به أعتقد أن مدرب منتخبنا يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أنه أمام اختباره الأهم والأصعب الذي لا يحتمل أية تبريرات كون فرصة الفوز السانحة اليوم لبث الحياة مجدداً ومعها الثقة في صفوف المنتخب لا يمكن تعويضها سيما وأن الصورة الوافية التي نقلت اليه عن منتخب هونغ كونغ سواء من المراقبين الرياضيين أو الإعلام الرياضي لم تصنف هذا المنتخب كمنافس في المجموعة وهذه حقيقة واضحة.
مع ذلك أضافت إلينا معلومة مهمة هو أن هونغ كونغ فريق متطوّر الى حدّ ما ويسعى جاهداً إلى تسجيل نتائج إيجابية يكسبها من اللعب الجماعي لأفراده الذين تنقصهم المهارة والقوة البدنية بصورة جليّة، حيث لا يمكن أن تقارن اسماء هذا الفريق وتأريخه بما هو موجود من نجوم لامعة في صفوف منتخبنا الوطني الذي يتفوّق في هذه المباراة على منافسه بجميع القياسات المعقولة، وكل ما يمتلكه فريق هونغ كونغ هو التكتّل في مناطقه الدفاعية وتشتيت اللعب مع هامش بسيط للكرات المرتدّة التي قد يغتنمها ويثبت بها وجوده، وهذه الصورة مستقاة من مباراتيه السابقتين وبصورة خاصة المباراة التي خسرها من إيران بهدفين في افتتاح مشواره التنافسي.
نعم لقد تلقى المدرب كاتانيتش كمّاً هائلاً من المعلومات وبصورة خاصة تلك التي أفاضَ بها نجوم منتخبنا الوطني السابقين ممّن تابعوا فريق هونغ كونغ وهو يتلقى الخسارة الأولى على ملعبه أمام أفضل منتخب مرشّح للتصدّر وصاحب التصنيف الآسيوي الأول منتخب إيران، ومع أن المدرب كرّس جهده للإشادة بالجماهير وتأثيرها الكبير المنتظر، وتغافل ذكر المعلومات الأخرى حيث يندرج هذا الأسلوب ضمن احترافية المدرب وتمرّسه بصورة عامة، ومن النادر أن نرى أي مدرباً أجنبياً محترفاً لا يشيد بمنافسيه قبل المواجهات، ويحاول أن يعتّم الصورة ولا ينزلق في أتون التفاؤل وكسب الثقة الزائدة وكأنَّ المباراة هي مجرد نزهة!
فسحة أخيرة لا بدَّ لنا من الإشارة اليها، وتكمن في الاستعدادات التي تتولاها وزارة الشباب هذه المرة ممثلة بالحكومة المركزية في تسيير دفة الإدارة المباشرة والإشراف على المتطلّبات اللوجستية لتأمين مباراة بأفضل ما يمكن، ومع ثقتنا الكبيرة بخبرة كفاءات الوزارة إلا أن الحذر واجب، فثمّة تجارب سابقة لا بدَّ أن تكون حاضرة تماماً لتلافي ما حصل في البصرة تحديداً لاسيما وأن المباراة ستكون تحت منظار الاتحاد الآسيوي ومراقبته التامة بعد انقطاع عن خوض مباريات التصفيات المونديالية على أرضنا منذ عام 2011، والتي خرج تنظيمها وإدارتها من عهدة الاتحاد العراقي لكرة القدم الى وزارة الشباب والرياضة المتواجدة بثقلها في البصرة اليوم بما يمثل اختباراً حقيقياً لنا ولأحقيتنا في خوض المباريات الرسمية على أرضنا.
تمنياتنا أن تكون الإجراءات والحضور الجماهيري رائعين كما هو عهد البصرة وجماهيرها في جميع الاختبارات السابقة، وأن يتكلّل كل ذلك بفوز صريح للأسود يضع الخطوة الأولى الواثقة في طريق التأهل المنتظر لمونديال قطر.