TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: احلام اليقظة وساعات النوم !!

العمود الثامن: احلام اليقظة وساعات النوم !!

نشر في: 13 أكتوبر, 2019: 10:41 م

 علي حسين

لأنني مواطن بسيط دائما ما أحاول أن أطرح الأسئلة، أحيانا أجد إجابات شافية، وأحيان كثيرة أواجه بالسخرية أو الصمت،

كنت قد سألت بعض الأصدقاء عندما تم إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، هل يعلم السيد رئيس الوزراء بالأمر، وهل كانت لديه فكرة عن حجم الخسائر بالأرواح؟ وهل ذهب إلى النوم في ذلك اليوم الاول الذي قتل فيه اكثر من 20 شابنا ذنبهم الوحيد أنهم قالوا لا للفساد وسرقة ثروات البلاد، وطالبوا بحقهم في حياة كريمة؟ ولأنني أحيانا أخلط الجد بالهزل فقد سألت أحد الزملاء: ترى هل تناول رئيس الوزراء العشاء؟ ماذا كان يفعل في تلك اللحظات؟ هل شاهد التلفزيون؟ أي نوع من القنوات الفضائية أثار اهتمامه؟ هل سأل مستشاريه عن خبر حرق قناة دجلة، وضرب قناة الفرات بصاروخ، وتكسير أجهزة قناة أن آر تي، وتهديد العاملين في الفضائيات بالقتل إن تجرؤا وعرضوا مشاهد التظاهرات؟ هل كان قادرا على أن يشرب الشاي او القهوة ؟ هل كان يضايقه أكثر أن تعرض الفضائيات مشهد قنص الشباب؟ ماذا فعل بعد أن تلقى نبأ اختطافات عدد من الناشطين المدنيين؟ هل عرف كيف عاشت عائلتا ميثم الحلو وعقيل التميمي؟ وكيف مر الليل على أمهات الشباب الذين قتلوا بدم بارد؟ هل قرأ كتابا قبل أن ينام؟ وماذا كان هذا الكتاب؟ رواية من روايات الرعب؟ أم فصلا من فصول الأمير لمكيافيللي؟ هل سأل ضباط مكتبه عن عدد القتلى والمصابين؟ وعدد الذين اكتظت بهم السجون؟ وعدد الذين غيّبوا بأوامر من خارج الدولة ؟ كل هذه الأسئلة كنت أسألها دون جواب، حتى قرأت التقرير الذي نشرته صحيفة الشرق الأوسط وكان بعنوان "تفاهم بين الحكومة والمحتجين" وتوقفت عند فقرة وجدت فيها كل الإجابات على أسئلتي، حيث قال رئيس الوزراء لعدد من الصحفيين إنه: "ينام في الساعة التاسعة مساء، لكن المظاهرات غيرت قواعد نومي". 

إذن تغيرت قواعد النوم كي تمارس القوات الأمنية استخداماً مجنوناً للقوة المفرطة من أجل إجهاض أي عمل احتجاجي في المستقبل، وجاء القرار بتغييب عدد من الناشطين وحملة اعتقال المتظاهرين والتنكيل بهم، ورسائل الخوف والترهيب لوسائل الإعلام، بقصد إعادة توجيه الرسالة إلى العراقيين، بأن من يفكّر في تغيير قواعد نوم المسؤول، سيلقى أشد صور العقاب، وربما القتل برصاص حي، أو التغييب، وما حدث مع ميثم الحلو ورفاقه يحدث مثله مع آخرين بالمئات، بأساليب أشد وطأة وقسوة.. 

يكتب فرويد في كتابه الشهير تفسير الأحلام أن النوم ليس سوى استمرار لحياة اليقظة، وأن الحلم فكرة تترجم إلى صور، ولهذا اعتقد أن ما يقوله بعض المسؤولين من أن هناك مندسّين بين القوات الأمنية، يجعلنا نؤمن بأن البعض مصر على تحويل الأحلام إلى حقائق .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. Khalid.S

    What happening in Iraq : Flooding of the two rivers

  2. لهيب خليل

    اسلوب جديد في الكتابة مقالة بثوب قصيدة بوركت استاذنا الكبيرة والله يحميكم

يحدث الآن

البرلمان يتوعد بـ10 استجوابات: ستمضي دون عراقيل

انتحاريون على أبواب حلب.. ماذا يجري في سوريا؟

الدفاع التركية تقتل 13 "عمالياً" شمالي العراق

مجلس ديالى يفجر مفاجأة: ثلاثة اضعاف سرقة القرن بالمحافظة "لم يُعلن عنه"

الشرطة العراقي يغادر إلى الدوحة لملاقاة بيرسبوليس الإيراني في دوري أبطال آسيا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram