كتب "أنتوني برجس" مرة بأن الفرادة الأدبية للرواية تكمن في " التوتر ما بين الشكل البطولي والمحتوى اللابطولي". في رواية "البرتقالة الآلية" المنشورة عام 1962 استعمل برجس هذا التوتر البطولي إلى أقصى حد. تدور الرواية في مستقبل يوتوبي كل شيء فيه سيئ حيث عصابات المراهقين تقوم بالغارات الليلية وهي تنفذ الأفعال العشوائية من العنف المفرط وتربط الرواية بين المآثر الإجرامية لـ"أليكس" وعصبته في شكل يحاكي الشكل البطولي ويذكرنا برواية "جوناثان وايلد" لفلدنغ.
الرواية مروية بصيغة الشخص الأول (الأنا) وتعج في نصفها الأول بتيار متواصل من الاغتصابات والجرائم قبل أن يقع "اليكس" في قبضة الشرطة ويتعرض بما يعرف لـ"تقنية لودوفيكو" – وهي طريقة علمية في "معالجة" المجرمين من عنفهم من خلال غسيل دماغ مقيئ – ويلقي برجس ضوءه الهجائي على العنف البارد للدولة.
إن الرواية والفيلم المعد عنها عام 1971 من إخراج ستانلي كوبريك كانا مثيرين للجدل بافتراض أنهما لم يصدرا حكماً أخلاقياً تجاه العنف السادي الموصوف في السرد ومع ذلك أكد برجس أن قصده كان " أن يضع اللغة لا الجنس أو العنف في الواجهة". وقد أنجز ذلك من خلال اختراع خلطة من اللهجات (الرطانة) سميت " نادسات "- وهو تلفيق ذكوري من الكوكني (لغة عوام لندن) والرومني (الهندي) والروسي- والتي كتبت بها الرواية كلها. لذا فإنّ "أليكس" يضع مشهد قتال العصابة بالإعلان:" هذا سيكون حقيقياً، سيكون هذا صحيحاً، ستكون هذه هي السكين، والقيد والشفرة".
يقلب برجس بشكل مبدع كليشيه "تمرد الشباب" ويظهر ذلك في قراره بمنح "أليكس" شغفاً بالموسيقى الكلاسيكية وبالأخص بيتهوفن و باخ وموزارت. وعلى الرغم من أن الموسيقى تحث البطل، وعلى نحو ساخر، بارتكاب أفظع جرائم سفك الدماء إلا أنها حين تصور التسامي النغمي لأليكس فأن نثر برجس يصل تقريباً إلى العذوبة التي يتميز بها نثر جويس. إن رؤيا "أليكس" ، بينما يصغي إلى كونشرتو البيانو، التي يقول فيها:"طير مثل الخمرة الفضية التي تجري في مركبة الفضاء فكل الجاذبية هي محض هراء الآن" هذه الرؤيا هي دليل كاف على قابلية برجس الخارقة على خلق الأسلوبية اللغوية.