TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: في معنى الانتماء إلـى حسين عادل وسارة طالب

قناطر: في معنى الانتماء إلـى حسين عادل وسارة طالب

نشر في: 21 أكتوبر, 2019: 08:08 م

 طالب عبد العزيز

هل أخشى على حياتي، إذا كتبتُ عن مقتل الناشطين المدنييَّن البصرييَّن (حسين عادل وزوجته سارة عادل)؟ بكل تأكيد: نعم، فمن أنا كي أكون بمأمن عليها؟ والبنادق مطلقة في السيارات المظللة، وبأيدي ذوي الأقنعة، وفي أعلى المباني ..

لكن، هل كانت حياتي أثمن من حياتهما؟ بكل تأكيد: لا، فقد تقلبتُ في الايام والليالي حتى نيّفتُ على الستين، وهما ما زالا بريعان الشباب، ولم أكن لأقدّم للحياة والحرية شيئاً ازاء ما قدماه للحرية والمدنية ورفض الفساد والعمالة.

لم التقِ حسين عادل، لكنني وبعد أن انتشرتْ صورتُه في المواقع، تذكرته، فقد كان شاباً طويلاً، مفعماً بالحياة، رياضياً مفتول العضلات، وكل ما فيه يدعو للرفض والاستكانة، ما كان ليتنكب سلاحاً ما، أبداً، مثل حسين عادل لا حاجة له بالسلاح، فقد واثقاً من فتوته وشبابه ووسامته، وأنْ لا أحد يقهره، وكان فناناً تشكيلياً، يتحدث في الفن والجمال والحياة أكثر من حديثه في السياسة، تذكرته وهو يقف في ساحة عبد الكريم قاسم، وحين صافحته قرأت الأمل في عينيه وفي ابتسامته، وفي العلم العراقي الذي كان يطوّق عنقه.

هل تحدثتُ بما انتمي به إليه ؟ ربما، ونعم أيضاً. وأنّى لي أن لا أنتمي للروح التي وقفت حتى فاضت ضد الظلم، ورفضت العبودية حتى تحطمت أكفها، وتطلعت للسلام حتى أتاها الرعب والفزع من كل جانب، أنّى لي لا أتذكرهُ، وهو يزحف مضرجاً بموته الى حيث صوت البندقية وهي تلعلع عند رأس وجسد زوحته، التي لم تصله جسداً كاملاً، إنما وصلته روحاً مجزّأة، فقد فتت الرصاص الجسدين، وقد همدت روح الآمال والطموحات والمستقبل في عينيهما الى غير رجعة.

لا أذكر أنني سمعت باسم سارة طالب، زوجته، أو التقيتها، أبداً. لكنني، وجدتها قريبة منّي، هكذا، ربما لاسم والدها(طالب) لكنَّ أحدهم وفي مجلس المقهى بالبچاري قال بانه يعرفها، فهي في بعض من قرابته، ثم أنه قرب الصورة لي قائلاً: هي ابنة اخت غضبان عيسى، القاص والكاتب الشاب، الذي أعدمه نظام صدام حسين قبل الحرب مع إيران. لم أسأله إن كان شيوعياً، لكنَّ غضبانَ كان صديقي، وكنت آتية في محل الخياطة، الذي بسوق حنا الشيخ الجديد، وقد أقرأني الكثير من قصصه، وأسرّني بحديث البصرة والكتابة والوطن والحياة، التي كانت قبل الحرب، لكنه لم يخف صوت الرصاص الذي كان يلعلع في روحه حتى أدركه رجال أمن حزب البعث في بيته، أو في محل الخياطة، لا أذكر، هل جاءوا بجثته من هناك؟ لا أتذكر، لكنني، أتذكره (غضبان عيسى) كان بطلاً غاضباً في حياته.

وبعد، هل رأيتم لماذا أنتمي لحسين عادل وسارة طالب؟ يكفيني انتماءً لهما إنهما وقفا ضد نظام الانحطاط والعمالة والفساد اليوم، أنهما صرخاً بوجه القتلة، ويكفيني أنَّ سارة طالب ابنة أخت غضبان عيسى، صديقي، الذي مات غضباناً، غاضباً، شديد الغضب قبل أن يقتل المقنّعون حسين وسارة بأربعين سنة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram