عبدالله السكوتي يحكى ان محتالا من بغداد جاع بعد ان ضربه الافلاس، وبينما هو يفكر بحيلة لتأمين طعامه، واذا به يلمح اعرابيا، احتضنه على الفور واخذ يقبله ويسأله عن الكيف والخاطر قائلا: اهلا بأخي حمد، كيف حالك ياحمد؟ كيف حال العائلة والصغار؟ فذعر الاعرابي من هذه المفاجأة وقال للبغدادي: (خويه ماني حمد) ، لكن البغدادي الح عليه قائلا : (انته حمد)،
كيف لااعرفك وقد ضيفتني عندما كنت عندكم في البادية، وقد اكلت من زادكم ومالحتكم، والله لاادعك تسير خطوة واحدة بدون غداء، الحق بي لاطعمك كبابا شهيا ، فانصاع المسكين وصدق ان اسمه حمد وقبل بذلك/ وهكذا ذهب الى المطعم ، فاكل الاثنان حتى شبعا ، ثم ان البغدادي نهض قبل ضيفه بحجة غسل يديه وقال لصاحب المطعم: (اخذ الحساب من صاحبي)، ونهض الاعرابي بعد ان اتم طعامه يريد الذهاب، فطالبه صاحب المطعم بثمن الطعام ، فأجابه انه بضيافة البغدادي، الا ان صاحب المطعم ضيق عليه فقال الرجل بعد ان دفع الثمن: (هاي وين جانت لي هالطرشه، اكله ماني حمد ، يكلي انته حمد).الاحتيال معروف في التاريخ ولايكاد زمن يخلو من المحتالين، ومع هذا هناك من يضع القوانين والقواعد الاخلاقية للحيلولة دون تفشي هذا المرض الوبيل، على اعتبار ان المخلوقات تتباين بحسب البيئة التي تحيا فيها والحرمان الذي تعانيه فابن البادية او القرية من المؤكد لايشابه ابن المدينة، بحساب الامور وتوخي الحذر، والغريب في الامر ان الزمن مهما امتد زادت طرق الاحتيال وربما تجد في الدول المتطورة تكنولوجيا اساليب للاحتيال غريبة عجيبة، ومهما بلغ الامر من مداه لايمكن ان يصل الى مانحن فيه، البغدادي المسكين تعلم الاحتيال وسعى اليه لانه جائع ويريد ان يشبع بطنه وهذا حق غريزته عليه، اما حين يحتال الاغنياء فانهم في هذا قد امنوا العقوبة واستلذوا كثرة الاموال، وهؤلاء لايمتلكون الحصانة الاخلاقية وقد تربوا في بيئات مختلفة ربما قد قست عليهم الايام وجعلت منهم فقراء منبوذين في نظر مجتمعاتنا المتخلفة ، وكنا قد تأملنا من قبل خيرا واستبشرنا بذهاب الدكتاتورية لنتخلص من حكم الرجل الواحد ، ولم نتفاجأ فيما فعله بعض الناس ابان التغيير الذي حدث في 2003 ، وكنا نعتقد ان الخلل بالدكتاتورية، والبعض حين يسرق يوجهه الحرمان الذي عاناه وسني الجوع التي آلمته كثيرا ، لكن السرقات تتضاعف والاعتداء على املاك الدولة على اشده وسلب الارصفة والشوارع وفتح المحال التجارية، حتى غدت المدن خرائب، وزها حديد المعمارية العراقية الشهيرة تصمم العمارات وتعطي عمارة فريدة من نوعها، لم يكن الامر بهذه السهولة حتى يتحطم كل شيء وانما هناك من يعمل في الظل ويحاول ان يعبث بعمارة العراق ومدنه العريقة، لقد اعجبني احدهم كان جالسا قربي في (الكيه) فقال: لوانهم في 2003 سفروا العراقيين الى غير دول لاستطاعوا بهذه الاموال التي هدرت وسرقت منذ ذاك التاريخ ان يشيدوا عراقا تعجز ان تضاهيه الدول، ونحن ندعو الى تبديل اسم المدعي الاشتراكي لما تثيره اللفظة من قشعريرة لدى الاخرين ونتوسل ان تكون المدعي الاسلامي لمراقبة اللصوص وسؤالهم عما في ايديهم، لقد وصل الامر الى غايته واذا لم يتداركه الباقي من الخيرين فسوف يأكل اللصوص العراق بشعبه.
هواء فـي شبك: (اكله ماني حمد ، يكلي انته حمد)
نشر في: 4 مايو, 2010: 07:59 م