TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: لماذا السكوت على هذه الجريمة الكبرى؟

شناشيل: لماذا السكوت على هذه الجريمة الكبرى؟

نشر في: 22 أكتوبر, 2019: 09:00 م

من أجل أن يبقى قلم الكاتب الراحل عدنان حسين حاضراً في المشهد العراقي، تعيد المدى نشر بعض "شناشيله" التي سلط من خلالها الضوء على الفساد الإداري والمالي ودافع عن قيم الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية.

 عدنان حسين

مرّت سنوات عدّة منذ الكشف عن دخول أدوية منتهية الصلاحيّة إلى العراق عبر الحدود مع إيران، بما فيها أدوية مفترض معالجتها أمراضاً خطيرة، كالسرطان.. بل الكشوفات شملت أيضا أغذية فاسدة تتدفق على الأسواق العراقية بحريّة تامة، وكأنما لا يوجد حتى بوّابون ونواطير على الحدود.
شحنات الأدوية والاغذية الفاسدة وراءها تجّار فاسدون، عراقيون في المقام الأول وإيرانيون أيضاً وربما من جنسيات أخرى كذلك.. ما المانع؟!.. حرية التدفّق هذه وراءها موظفون فاسدون عراقيون، منزوعو الذمّة والضمير والوطنية، وهم تكاثروا كما الجراد في عهد الإسلام السياسي الحالي الذي أطلق العنان لكل أشكال وألوان الفساد الإداري والمالي. هؤلاء الموظفون في أجهزة الصحة والتجارة والمنافذ الحدودية والجمارك وراءهم أيضاً مسؤولون كبار في دوائرهم يوفّرون الحماية لهم ويقاسمونهم ما يتلقّونه من رشىً من التجار الفاسدين.
هذا كله معروف.. لكنّ الغريب أنّ الدولة لم تتحرّك على مدى هذه السنوات لتردع الفاسدين وتوقف هذا الموت الزؤام القادم مما وراء الحدود الشرقية، ولا ينبغي استبعاد الحدود الغربية والجنوبية والشمالية أيضأ، فالفساد لا جهات ولا حدود له، مثلما الفاسدون لا دين ولا جنسية لهم.
في الجانب العراقي، تبادلت أطراف عدة الاتهامات بالمسؤولية عن دخول الأدوية والأغذية الفاسدة: وزارة الصحة، وزارة التجارة، المنافذ الحدودية، الجمارك، نقابة الصيادلة وسواها. والواقع إنّ هذه الجهات جميعاً تتحمّل المسؤولية ، لأنّ كلّاً منها عليه واجب مُحدّد في القوانين النافذة في مكافحة الاتجار بالأدوية والاغذية الفاسدة وكلّ تجارة غير شرعيّة، ولو أنّ أيّ جهة من هذه الجهات لم تقصّر في واجبها ما كنّا شهدنا هذا الانفلات في هذا النوع من التجارة الذي يرتفع مستوى خطره الى مستوى الإرهاب والحرب المباشرة.
في الدول التي فيها حكومات تحترم نفسها وشعبها ودولتها لا يمكن لأيّ مسؤول، من الموظف الصغير الى رئيس الدولة، أن يسكت يومين أو ثلاثة على معلومات خطيرة من نوع الأغذية والأدوية الفاسدة. لا أحد في "دولتنا" يحرِّك ساكناً حيال المعلومات المتدفّقة يومياً في هذا الخصوص.. هذا يعني أن هؤلاء المسؤولين شركاء في هذه الجريمة الخطيرة، ويتعيّن محاسبتهم على النحو الذي يحاسب به مسؤولو المنافذ الحدودية والجمارك والصحة والتجارة، فهم أيضاً شركاء في عملية القتل الجماعي هذه .
لا تقولوا بعد الآن، يا كبار مسؤولي الدولة: لم نكن نعلم، ولم ينبّهنا أحد..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram