TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: للتذكير.. لسنا محميّة إيرانيّة!

شناشيل: للتذكير.. لسنا محميّة إيرانيّة!

نشر في: 26 أكتوبر, 2019: 10:07 م

من أجل أن يبقى قلم الكاتب الراحل عدنان حسين حاضراً في المشهد العراقي، تعيد المدى نشر بعض "شناشيله" التي سلط من خلالها الضوء على الفساد الإداري والمالي ودافع عن قيم الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية.

 عدنان حسين

مفهوم أن يبدو كبار المسؤولين الإيرانيين هذه الأيام في حال شديدة من الخوف والتطيّر وعدم التوازن، فالعقوبات الأميركية الجديدة التي بدأت واشنطن بتنفيذها ضد طهران ليست مزحة أو استعراضاً للعضلات.. إنها عقوبات قاسية في الواقع على النظام الإيراني والشعب الإيراني سواء بسواء.
نحن في العراق ندرك، ربما أكثر من غيرنا، وطأة عقوبات من هذا النوع، فالعقوبات التي فُرِضت على بلادنا وشعبنا بعد جريمة غزو الكويت كانت قاصمة للظهر، آثارها وعواقبها تتواصل حتى اليوم، ومنها أن مقاليد الأمور في البلاد قد وُضعت في أيدي مجاميع من سرّاق المال العام ومزوّري إرادة الشعب بدعم وتمكين من الولايات المتحدة التي كانت وراء فرض تلك العقوبات.
نعم من المفهوم أن يكون كبار المسؤولين الإيرانيين في حال العُصاب، لكن ليس مقبولاً أن يدفعهم هذا للتعامل مع العراق كما لو كان محميّة إيرانيّة ومع مسؤولي الدولة العراقية كما لو أنهم عناصر في واحدة من سرايا فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
على مدى سنوات اعتاد مسؤولون في النظام الإيراني التجاوز على العراق ودولته وعلى الشعب العراقي من دون أن يتحرّك أيّ من كبار مسؤولي الدولة العراقية ليحتجّ، أو أقلّه يعترض. ومنذ بضعة أشهر أثارت تصريحات غير لائقة وغير مهذبة لبعض المسؤولين الإيرانيين ردود فعل قوية في أوساط سياسية وثقافية واجتماعية عراقية، وكنّا نأمل أن تعالج طهران عقدتها تجاهنا وتبدأ بالتعامل معنا على نحو مختلف يكرّس حقوق الجيرة ويراعي مبادئ السيادة والاستقلال الوطنيين، بيد أننا وجدنا موقفاً غير ذلك في الأيام الأخيرة، فالمسؤولون الإيرانيون يصرّون على التدخل في الشأن الداخلي العراقي بالتحامل على الحكومة العراقية التي أعلنت أنها تجد نفسها مضطرة للالتزام بالعقوبات الأميركية على إيران. ولم يشفع للحكومة لدى الإيرانيين أنّ رئيسها أعلن صراحة عدم تأييده للعقوبات وتحذيره من عواقبها المحتملة التي يمكن أن تطال الشعب الإيراني دون النظام كما حصل في العراق في تسعينيات القرن الماضي. أكثر من ذلك أن بعض المسؤولين الإيرانيين سعى للابتزاز بمطالبة العراق بدفع ما يسمونها تكاليف الحرب العراقية - الإيرانية التي كانت خسائر وأضرار العراق فيها أكبر وأفدح.
لإيران نفوذ قويّ في العراق. هذا أمر لا يمكن لأحد إنكاره أو إغفاله، وهو متأتِ في المقام الأول من وجود قوى سياسية نافذة في الدولة وجماعات مسلحة موالية لطهران، تتلقّى منها المال والسلاح. هؤلاء بالذات عليهم الإدراك بأنّ من مصلحتهم ومصلحة إيران ألّا يتمادى المسؤولون الإيرانيون في استفزاز العراقيين واستثارة وطنيتهم بما يجعلها في عداء مع الجارة الشرقية.
من غير المعقول أن يُراد للعراقيين التضحية بأنفسهم من أجل إيران، وهم في الأساس لم يبق لهم شيء يُمكن أن يستغنوا عنه بعدما نُهبت ثروتهم على أيدي القوى المتنفّذة في السلطة، ومعظمها ممّن له أوثق العلاقات مع إيران وموالٍ لنظامها..!
بدلاً من مساعي الإملاء الإيرانية على الدولة العراقية، وبدلاً من التجييش من قبل الموالين لإيران في سبيل إقحام العراق في الحرب الاقتصادية إلى جانب إيران، المجدي أكثر أن تسعى إيران لتوسيط العراق مع الولايات المتحدة لفتح نافذة حوار بين واشنطن وطهران بحثاً عن حلّ سياسي سلمي لمشاكلهما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram