طالب عبد العزيز
من حيث المبدأ، فأن غالبية الذين يحضرون التظاهرات في بغداد والمحافظات، هم شباب باعمار بين الـ( 15-30) البعض القليل منهم موظفون أو طلاب جامعات أو عمال في القطاع الخاص،
لكنَّ معظمهم هم جيش العاطلين عن العمل، أصحاب الحق الحقيقي في الثورة والتغيير، وقود التظاهرات، الذين ألهبوا الروح العراقية، والتي تعد اليوم بحق مفخرة عربية، حتى أنَّ بعضنا تجاهل ثورات عربية وعالمية، كثيرة ازاء ما نراه ونلمسه من مشاهد أعادت لنا ثقتنا بعراقنا الجديد، الذي بات قاب قوسين أو أدنى.
هناك من ينظر الى ما يقوم به بعض المتظاهرين من ممارسات، بدت له أنها خارجة عن جوهر حركة التظاهر السلمية، مثل الأغاني والرقص والتحشيشات، وراح نفر يعيب على آخرين ظهورهم بمظاهر أقل حشمة.. الخ . لا يا أخي، هذا شعب خرج يطلب الحياة، وما الحياة خارج هذه كله؟ نحن شعب تأخر طويلاً في اكتشاف حياته، لقد فعلت أحزاب الإسلام السياسي فيه ما لم تفعله الخمرة والمخدرات، وها نحن نصحو على ما فاتنا من الدهر، ما نسيناه في الطرقات المضيئة، تلك التي لم يدلنا أحد عليها. الأغنية والرقص والموسيقى وقصة الشعر والثياب الجميلة هي نحن، الذين نتحدى الطغاة بها اليوم.
بودي أن أتوقف طويلاً عند بيت صغير من الشعر الشعبي، رُفع في تظاهرات ساحة التحرير، ببغداد العظيمة، يقول( اليوم الكذلة تسولف –خلي عكالك للدكات) والله، لهي من البلاغة بما لا يتأتى للغتنا العربية منها بشيء. جملة بليغة اختصرت الواقع العراقي في الوسط والجنوب، وهي لكأنما يقول الولد الشاب الذي خرج للتظاهرات لأبيه، ذي العقال والمسبحة والعباءة: أنا من يتحدث عن العراق اليوم، أما أنت فخذ سلاحك وأفعل به ما يليق بك وأمثالك من شيوخ العشائر من قبح(الدكة). بل وكأنه يصرخ بوجهه: (تسريحة الشعر(الكذلة) هي التي تقود التغيير لا أنت). هذا عراق جديد بحق.
لكن، ما يقلقني بشكل شخصي، وربما يقلق غيري أيضاً، هو خشيتي من أنَّ الحكومة الغبية هذه، قد تتجاهل غضب الشباب هؤلاء، ولا تصغي لنداء العقل الغاضب، الأمر الذي سيوقعنا، مجتمعين، في ما لا تُعرف نتائجُه. شخصياً أخشى على نفاد صبر المتظاهرين أو المعتصمين، إذ من غير المعقول انهم سيقفون طويلاً هناك، ولربما حملهم غضبهم الى ما هو أبعد من التظاهر والاعتصام، الأمر الذي يستدعي القوات الحكومية الى التصدي لهم بالرصاص(لا سامح الله) وهنا سنقع في المحذور، سنفقد الكثير من شبابنا، خزانة المستقبل، وروح العراق الحي الجديد، وقد تفقد الدولة معها قدرتها على التصدي لهم، فهي منخورة، ساقطة لا محالة، وبذلك سنضيّع القضيتين.
مطلوب من الدولة اليوم قبل الغد، العمل على معالجة الوضع العراقي، فقد بات التغيير ضرورة، وآن وقت لتعويض ما فقدناه من دم ومال. الحكمة تقتضي ذلك، أما إيران وعصاباتها فلن يغيروا شيئاً بعد اليوم. فقد قضي الامر،إنه عراق جديد ينهض.
جميع التعليقات 1
الحجيه البصراوي
سيدي الفاضل سلمت يمناك مقاله تستحق القرّاءه لذا اسمحلي ان اجتزت منها لعرضها في متصفحي ع الفيس