إياد الصالحي
لم يزل مدرب المنتخب الأولمبي لكرة القدم عبدالغني شهد يواصل التشكّي من صعوبة تحضير اللاعبين للاستحقاق الآسيوي المقبل بهدف انتزاع بطاقة التأهل الى دورة أولمبياد طوكيو 2020
في ظل صمت اتحاد اللعبة ووزارة الشباب والرياضة أزاء طلباته المنطقية وكأنه أمام حلّين لا ثالث لهما إما الدخول في المنافسة بثقة عالية مراهناً على قدرات لاعبيه وما بذله من جهد كبير معهم طوال الفترة السابقة من منهج الإعداد ، أو تقديم استقالته من العمل وعدم تحمّل مسؤولية ما يتعرّض له المنتخب ، ومنح الفرصة لمدرب آخر يواصل المسير معه بدلاً من خلق أجواء قلقة تثير مخاوف اللاعبين من الاخفاق المحتوم.
نهائيات بطولة آسيا تحت 23 عاماً الرابعة التي تضيفها تايلاند من 8 كانون الثاني حتى المباراة النهائية يوم 26 منه العام المقبل ليست سهلة إطلاقاً في ظل وجود منتخبات البلد المنظم واستراليا والبحرين في المجموعة الأولى الى جانب منتخبنا ، ويدرك المتابع الحصيف ثقل تايلاند واستراليا اليوم في خارطة التنافس القاري ، فضلاً عن حماسة البحرينيين في صناعة جيل جديد قادر على تحقيق أهم المنجزات لكرته ، وهذه كلها عوامل ضغط كبيرة تدفع شهد وملاكه التدريبي ليضعها في الحسبان قبيل المشاركة بجاهزية أكبر ممّا مضى.
المعوّقان الرئيسان اللذان يواجههما المنتخب الأولمبي يتمثلان بعدم تأمين الأموال اللازمة لدعمه في بطولة "كأس دبي" للمنتخبات الأولمبية تحت 23 عاماً للفترة من 13 إلى 19 تشرين الثاني الحالي بمشاركة الإمارات والعراق وكوريا الجنوبية وأوزبكستان والسعودية والأردن وسوريا والبحرين ، وهي فرصة مهمّة للوقوف على مدى أهلية المنتخب في خوض التنافس الآسيوي الشرس مطلع عام 2020 وكذلك تجريب العناصر التي لم تقدّم المستوى المأمول منها في معسكري المنامة والدوحة هذا العام.
المعوّق الثاني هو عدم استجابة لجنة المنتخبات الوطنية في الاتحاد لمطلب شهد بتدعيم صفوف المنتخب بعدد من لاعبي المنتخب الأول الذين تسمح أعمارهم بالمشاركة ولديهم الخبرة الكبيرة لحسم نتائج المباريات علاوة على تعزيز قوة الفريق بانسجامهم وتعاونهم ما يؤدي إلى مضاعفة حظوظنا بالحصول على بطاقة الأولمبياد ، وربما هنا يعترض العديد من النقاد على مطلب شهد ويعزون ذلك الى ضرورة إيجاد بدائل جاهزة للاعبي المنتخب الأولمبي وليس استهلاك لاعبين مثل مهند علي ومحمد داوود عطفاً على تجارب سابقة أهلكت القدرات البدنية لأبرز لاعبي المنتخبات في بطولات متعددة.
لم يدخّر أي اتحاد مشارك في نهائيات آسيا تحت 23 جهداً في سبيل توفير الإمكانيات اللازمة لرفع راية البلد في اولمبياد طوكيو ، فالاتحاد القطري على سبيل المثال قرّر مكتبه التنفيذي إناطة مهمة العنابي الأولمبي إلى صانع المعجزات المدرب الاسباني فيليكس سانشيز مدرب منتخبه الأول ليكون على رأس الإدارة في بطولة آسيا بعد أن تخلى الاتحاد عن المدرب ألبيرت فيرنانديز ، وفي الوقت نفسه يستمر سانشيز بصفته مديراً فنياً للعنابي ويواصل تحقيق النجاح منذ مباشرته في تموز عام 2017، ما يعني سعي الاتحاد للانتصار في أية موقعة كروية يوظف فيها كل اسلحته الفنية القوية.
عبدالغني شهد أمام تحدٍ كبير ليكرّر إنجاز الـتأهل إلى دورة ريو الأولمبية 2016 ويواصل الحضور في الأدوار المتقدمة مثلما نتمنى نظراً لامتلاكه عناصر تثير التفاؤل في نفوسنا بأن الكرة العراقية ولادّة دائماً بالموهوبين ، لكن وجود العوائق المالية والفنية التي كرّر الحديث عنها في أكثر من لقاء تلفازي بمدد زمنية متقاربة يضع علامة استفهام أمام اتحاد كرة القدم وخاصة لجنة المنتخبات التي لم تكن حريصة في هذا الموضوع ولم تبادر للتوافق والتنسيق مع المدرب في طلباته المشروعة وهي جزء من واجباتها المسؤولة ، وإلا ما قيمة وجودها ولمصلحة من تعمل؟!
لتكن محطة دبي الأخيرة في مسيرة تجهيز لاعبي المنتخب الأولمبي نقطة تحوّل بارزة في الكشف عن أسلوب اللعب ومواءمته مع الفكر التدريبي للكابتن شهد وملاكه الفني المساعد الكفء وكيفية توظيف اللاعبين المرشحين لتمثيل العراق ، الأمر الذي يتطلب منه الاستقرار النفسي دون الغوص في مشاكل جديدة تارة يبحث عن لاعبين مغتربين وتارة أخرى يتنقل بين الاتحاد والوزارة أو بين قناة وصحيفة كاشفاً همومه للناس، فطالما أنه قَبِل تولّي المهمة وهو يعلم بواقع الاتحاد ومزاجية القرارات المتخذة فيه وعلاقات الاعضاء المتصدّعة مع محيطيهم التي أثرت على تعاطيهم بحماسة أقل مع الاستحقاقات الوطنية المهمة ليعتمد على ثقته بنفسه وبالأسود المتحفزين لكسب الرهان في بانكوك.