صادق الصائغ يقول المرء خاشعا كل نفس ذائقة الموت ، وبعد ئذ بوجع يستدرك لكن لماذا أموت وهذا السؤال خالد منذ آدم وحواء. ومادام الموت حقا ، فيحق للمرء ان يظن ان أكثرنا نبلا وطيبة وجمالا هم اولئك الذين يموتون واياديهم نظيفة تاركين وراء موتهم نسائم
تلاحقهم وتلاحقنا وكأنها قادمة من الجنة .بعضنا ، على طريقته في الموت ، يفاجئنا بموته ، فيقلب لا مبالاتنا وهمومنا اليومية الى تساؤل واستفسار ، تاركا وراءه على هذه الارض ، طيبة وكبرياء وبدلا من ان يأخذ منا المعنى يعطينا هو المعنى .وبواسطته نفهم ان الاصالة هي الرجل ، وان الظلام زائل والنهار يطلع، وان الخسة تزول، والطيبة تبقى، وان كل شيء، برغم القسوة ،لم يفقد بعد.لقد مات جعفر السعدي بين ايدي أصدقائه في قاعة السينما والمسرح ، وكان يضحك ويحاور ويسامر، لكنه مات فجأة ، فهل كان موته موتا خاصا أم عادياً ؟ هل كان موتاً مدبراً ؟ هل موت جعفر السعدي في حفل كهذا ، في مؤتمر المثقفين بين ايدي اصدقائه وطلابه وبانتظار ان ترتفع الستارة على جواد الشكرجي يلقي قصيدة السياب 🙁 الشمس أجمل في بلادي من سواها ) أم أن للنفس النبيلة المرهقة التي أعطت ولم تأخذ الا القليل حقا في موت خاص يناسب سموها الروحي ؟ اذا كان الموت حقا ، فليكن على طريقة ( الموت حبا ) ووفق هذا السياق اذن وضع رأسه على كتف مجالسه في الصالة ، ثم بارتعاشة لذيذة غادر الطائر الى سمائه ، فصاح مجالسه : يا آلهي ....قبل لحظة كان يضحك ! ! الا ايها الرجل المتفائل الضاحك حتى في موته ، المتفائل بيوم جديد تنفتح فيه بوابات المسرح الحر على مشارف الحرية ...... نم قريرا فقد وصلت رسالتك ، وصلت الى عمق هذه الارض التي نسكن ...لقد تعلمنا منك كثيرا وسنتعلم منك كثيرا بعد مماتك ..نم ايها الحبيب المتعب ... نم ايها الفنان الكبير. ألقيت في مؤتمر المثقفين العراقيين عام 2005
تنويمة لجعفر السعدي
نشر في: 5 مايو, 2010: 05:02 م