TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: بقلاوة .ونوتيللا

مجرد كلام: بقلاوة .ونوتيللا

نشر في: 4 نوفمبر, 2019: 07:56 م

 عدوية الهلالي

لللأطفال دائماً فلسفتهم الخاصة التي لايستقونها فقط مما يمنحه لهم الكبار من معارف بل من خيالاتهم وأحلامهم الطفولية البريئة والبسيطة ..

وأمام مايشهده الشارع العراقي من أحداث استثنائية كان للأطفال ردود فعلهم الخاصة ، فقد انتقلت إليهم عدوى الحماس والرغبة في تغيير شيء ما للأفضل ..استهواهم التغني بالوطن ورفع الأعلام والهتافات وترديد النشيد الوطني فشعروا بالرغبة في المشاركة وآلمتهم مشاهد الموت فشعروا بالنقمة على من كان السبب في حرمان شباب بعمر الورد من حياتهم ..

سألت ابنتي الصغيرة ذات الثماني سنوات عن سبب تأثرها بالتظاهرات وإن كانت تفهم مايجري فقالت إنها تشعر بالغيرة عندما تشاهد أفلاماً تصور حياة الأطفال في دول أخرى ..قالت إنها تحلم بمدارس أجمل وشوارع أنظف ..قالت إنها تكره المقارنة بين شوارع الدول المتقدمة عندما يصفها البعض ب(قطع البقلاوة) بينما يصفون شوارعنا بعد سقوط المطر وتراكم الطين ( بالنوتيللا) وإنها تتألم عندما ترى التلاميذ يخوضون في مياه المطر والوحل ليصلوا الى مدارس متهالكة وقديمة ..قالت بأنها تألمت أكثر عندما سألت زميلها الخامل في الصف عن سبب خموله ولماذا لايبذل جهداً أكبر في الدراسة ليحصل على درجات جيدة فأجابها إنه لايحب المدرسة لأن الشهادة لن تنفعه بشيء في المستقبل !!

لم يعد اطفالنا يتلقون معارفهم مما نقدمه لهم أو تقدمه لهم المدرسة بل باتوا يفهمون العالم من خلال اطلاعهم على وسائل التواصل الاجتماعي ومقارنتهم بين عالمهم والعوالم الأخرى ..بهذه الطريقة يستقبل العراق أجيالاً من اليافعين والشباب الرافضين في أعماقهم لأسلوب حياتهم التي ينقصها الكثير في نظرهم ..ولهذه الأسباب حملت تظاهراتهم سمة ( الثورة الشبابية ) ، ومن يفهم سيكولوجية الشباب جيداً، سيدرك حتما إنهم لن يتوقفوا وأن محاولة إخافتهم بالعنف ستضاعف من همتهم وتحدياتهم وحماستهم ، كما أنهم يجيدون لعبة العناد والإصرار فلايعرفون اليأس ولايأبهون للتعب وسيواصلون مابدأوه طالما شعروا بأن أصواتهم تجد لها صدى محلياً وعالمياً وانهم وجدوا أخيراً معنى لوجودهم وأملاً يستحق الكفاح من أجله ..إنه الوعي الذي يخشاه الكبار لأنه يقف وراء إطلاق الشرارة التي ستحرقهم ..ربما اطمأن المسؤولون طوال السنوات الفائتة الى انشغال أغلب الفتيان والشباب بماتقدمه لهم التكنولولجيا من توافه الأمور خاصة وإنهم امعنوا في تجهيلهم من خلال نظام تعليمي فاشل ، لكن التكنولوجيا ذاتها هي من وحدت بينهم ليطلقوا صرختهم ويعبروا عن مطالبهم ،ولأنهم يشعرون بالغيرة على بلدهم ويخجلون من تفوق الدول الأخرى عليه ويريدون له الأفضل ، فاعلموا إنهم لن يتوقفوا لأنهم شعروا ولأول مرة بأنهم أدوات فاعلة في المجتمع وإن التغيير لابد وأن يحدث بأيديهم ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram