TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الحكومة تختطف صبا المهداوي

العمود الثامن: الحكومة تختطف صبا المهداوي

نشر في: 5 نوفمبر, 2019: 09:54 م

 علي حسين

مضحك ومسلي ولذيذ، هذا الإصرار على السخرية من احتجاجات العراقيين من جانب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وهو يحاول أن يدافع عن فضيحة قتل أكثر من 300 مواطن

وجرح أكثر من عشرة آلاف ليقول إن الحكومة لا تزال في موقف المدافع وإن ما قامت به هو قليل، ففي بعض البلدان تحصل إجراءات أقسى.

قتل 300 مواطن أمر قليل الأهمية.. خطف المتظاهرين من بيوتهم وتغييبهم أمر قليل الشأن.. فالمفروض أن يعدم المتظاهر في ساحة الاحتجاج.. يعرف السيد عادل عبد المهدي وهو يحمل الجنسية الفرنسية أن مقتل متظاهر واحد في شوارع باريس يمكن أن يطيح بماكرون وحكومته، وربما تسنى للسيد عادل عبد المهدي قراءة مذكرات الجنرال ديغول، وكيف يصف خروج الطلبة عليه عام 1968 وهم يحملون لافتات كتب عليها: "ديغول إرحل.. عشر سنوات تكفي لكي تتقاعد"، لم يحدثهم آنذاك عن الفراغ الدستوري، ومن سيجلس على كرسي الرئيس، وأن الاستقالة في جيبه لن يخرجها حتى يصل عدد قتلى التظاهرات إلى 1000.. لم يجمع الوزراء والمحافظين ويحدثهم عن المنجنيق الذي يستخدمه المتظاهرون، فالرجل الذي أنقذ فرنسا من سطوة هتلر، ووضعها في مصاف الدول العظمى، لم يجد غير جملة واحدة قالها لمساعديه "سأرحل، لا شيء أهم من فرنسا مستقرة".

عندما يقدم المسؤول استقالته بسبب خطأ بسيط، فهذا يعني أنه يدرك جيدا معنى أن يكون مسؤولا عن الشعب، لكن عندما تخطف فتاة مثل صبا المهداوي جريمتها الوحيدة انها ذهبت لمساعدة جرحى التظاهرات ، ويقتل صبي أعزل "حسوني الدراجي" برصاص قناص لأنه وقف على تلة ترابية وهتف باسم الوطن، ندرك جيدا أن الحكومة لا تملك بعدا أخلاقيا، لأنها صمتت أمام ما يحدث من مجازر، دائما ما أردد قصة رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني الذي حكمت عليه المحكمة بعقوبة "الخدمة الاجتماعية" في إحدى دور رعاية المسنّين على خلفيّة الحكم الذي صدر بسجنه بتهمة التهرّب الضريبي، تهرب ضريبي يمنه من العمل السياسي ويجبره على أن يكنس ويخدم المسنين لمدة سنة، فيما تغييب فتاة في عمر الزهور يعتبره رئيس الوزراء إجراء خفيفا.. فالثقيل هو أن يختفي جميع المحتجين من الوجود.. 

قد يعتبرني مكتب رئيس الوزراء متآمرا، لأنني أقارن بين ديغول ورئيس وزرائنا، وهى مقارنة لا تجوز لأسباب عدة ليس من بينها أن المنصب عندنا أهم من المواطن، ولأنه لا توجد قيمة للمواطن في بلادنا السعيدة، إذ يمكن لأي قناص أو مثلم أن يقتل متظاهرا، وستعتبر الحكومة ذلك إنجازا يضاف إلى إنجازاتها، وحلا مبتكرا للقضاء على ظاهرة الزيادة السكانية، ولهذا لم يتطرق السيد عادل عبد المهدي لاختطاف صبا المهداوي لأنها في نظره الآن ترفل في نعيم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. مؤيد الحيدري

    كما اعتدنا من قلم علي حسين ،، قراءة موضوعية للواقع و رصد حاذق لتفاصيل ملهمة للقاريء وهو يركض وراؤ كلمات المقال، تحية له وللمدى المميزة!

يحدث الآن

البرلمان يتوعد بـ10 استجوابات: ستمضي دون عراقيل

انتحاريون على أبواب حلب.. ماذا يجري في سوريا؟

الدفاع التركية تقتل 13 "عمالياً" شمالي العراق

مجلس ديالى يفجر مفاجأة: ثلاثة اضعاف سرقة القرن بالمحافظة "لم يُعلن عنه"

الشرطة العراقي يغادر إلى الدوحة لملاقاة بيرسبوليس الإيراني في دوري أبطال آسيا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram