منذر حلميما ان قررت الكتابة – بمناسبة يوم المسرح العالمي – عن اخر عمل لي , قبل مغادرتي الوطن اضطرارا في مستهل عام 1979 , حتى تزاحمت الافكار واختلطت المشاعر، وطفحت الى السطح ذكريات المشاوير الاخيرة قبل الرحيل –
ذهابي مع صديقي الفنان القدير علي فوزي لالقاء نظرة الوداع، ربما الاخيرة، على بناية المسرح الوطني ، الذي لم يكن قد افتتح بعد ، لحظات الصمت الموجعة في اخر زيارة لفرقتي - مسرح اليوم - ، لقائي بالراحل الكبير جعفر السعدي ، عندما زرت مسرح بغداد ، اثناء اجراء فرقة المسرح الشعبي التمارين على مسرحية – رقصة الاقنعة – تاليف الشاعر شاكر السماوي واخراج جعفر السعدي ، والتى اضطر العديد من كادرها الفني الى الاختفاء او مغادرة العراق ، كالفنانة الكبيرة وداد سالم والفنانين المعروفين اديب القليه جي وفلاح شاكر ، بسبب اشتداد حملة ملاحقة المثقفين ، بعد ان اسفر الفرد المستبد عن نياته المريبة في تشويه الثقافة وتزوير التاريخ ومصادرة حرية الاخر المختلف . الامر الذي حدا بالراحل جعفر السعدي ان ينفرد بي ويهمس في اذني – انه يحرق العراق ، والمؤلم يامنذر اننا لا نستطيع اطفاء الحرائق – ذلك ما قاله الراحل آنذاك ، على الضد من اولئك الذين امطروه بالاسماء الحسنى وحاولوا اضفاء الشرعية على قتله المنظم للانسان جسدا وروحا . والمؤلم هنا ، ان الحرائق مازالت مشتعلة ، يتطاير شررها أرهابا ، طائفية وفسادا ، وربما تتاح لي الفرصة في مقام اخر لاتحدث بتفصيل اكثر عن معالم تلك المرحلة.* فنان مسرحي مقيم في السويد
حرائق المسرح
نشر في: 5 مايو, 2010: 05:22 م