إياد الصالحي
يتوهّم البعض من راكبي الموجة - أيّاً كان مسمّاها - وحسب مقتضيات مصالحهم ، أن سلوكهم في الأزمات الطارئة يُخفي ما تضمره قلوبهم من حقدٍ لأشخاصٍ قريبين من دائرة الأزمة ذاتها وليسوا سبباً عملياً فيها ،
يسعون بكل ما أوتوا من قُدرة على توظيف إساءاتهم لهؤلاء ويرون أنفسهم محقّين في النيل من سمعة الكبار جهاراً ، غير مُبالين لأعمارهم ومواقعهم وخبراتهم ، ولا يحترم راكبو الموجة البون الشاسع بين ما قطعوه من عقد واحد في خدمة الرياضة مقارنة بمن أدّوا أعمالاً مسؤولة في حُقب غابرة تجاوزت الخمسة عقود!
في مخاضِ التظاهرات الشبابية السلمية التي تدخل يومها السابع عشر في ساحة التحرير وبقية مدن العراق الثائرة باحتجاجات شرعية مطالبة بتحسّن ظروف الحياة المشلولة نتيجة البطالة المستشرية التي تفجّرت غضباً في كل بيت وأخرجت الأسر الى الشوارع متطلّعة إلى غدٍ أفضل ، في خضم كل ذلك ينتهزُ البعض المشهد المتداعي في البلاد ليقحموا أزمة الرياضة عملاً بالقول بـ (حشرٌ مع الناس عيد) ليس حباً بأبطالها والدفاع عنهم وإبراز معاناتهم ، بل للثأر من خسارة مزايا الأشهُر العشرة الماضية بعدما آل التفاوض الحكومي مع اللجنة الأولمبية الدولية إلى رؤى مشتركة تُدعِم حرص الدولة العراقية على مصلحة الرياضيين من ناحية حفظ المال العام وعدم هدره تأسيساً على موجبات إصدار القرار 140.
منتهزو تظاهرات الإصلاح يعلمون جيّداً أن الرياضة لم تتدهور فجر الخامس والعشرين من تشرين الأول الفائت ، بل عانى الرياضيون من ويلات نهب المال المُنظّم ستة عشر عاماً ، بسبب عبث أغلب مسؤولي المواقع بمناهج عملهم الرياضي وتكريسهم الأمّية فيها ، وتفاقم حالات تزوير الشهادات والجوازات ووثائق الأحوال المدنية بالعشرات بدلالة البطاقة التموينية الفاضحة للعمر الحقيقي للمزور بهدف سرقة حقوق الآخرين وإزاحة الكفاءات ، وليس هذا فحسب ، بل تم اعتماد أشخاص مُسندين من متنفذين في جهات سياسية وحزبية احتلّوا مفاصل مؤثرة في صناعة القرار ، مع تواصل "التقاسم الطائفي" البغيض لمغانم المؤسسات الرياضية الذي كافحه وعي الجماهير بهتافاتهم للعراق الواحد ، بصرف النظر عن مؤجّجي فتنته في مداخلات خبيثة لبعض البرامج الحوارية ، فعن أي احتجاج رياضي يُراد تسويقه في تظاهرات ضحّى الشباب بدمائهم من أجل استمرار أصواتهم المدافعة عن حقوق ملايين العراقيين وتنظيف البلد من بؤر الفساد وبناء مجتمع جديد يتآخى فيه المواطنون في كل الظروف ولا يتوعّدون بعضهم البعض بدوافع انتقامية ولا يستلّون أوراقاً من (دفاتر قديمة) عن فلان بدافع التشهير ، ولا ينصرون الباطل من أجل مطامع زائلة!
لم تجيّر تظاهرات قطاعات الدولة والنقابات لأغراض مهنية بحتة ، بل خرج الجميع من أجل مساندة مطالب شبابنا وإنقاذ مصير الوطن في مفترق طريق مجهول ، ولم تنطل علينا نوايا المندسين المتباكين على مصالحهم الدنيئة الذين يتصنّعون الدفاع عن الرياضيين في حملات مغرضة استهدفت اسماء بعينها خارج المشهد العملي لمنفذي القرار 140 الذي نقرّ بعدم انسيابية الآليات فيه ووجود تشكّي من اتحادات عدة تأثرت استعداداتها للبطولات بسبب تلكؤ إنجاز واجبات لجنة القرار ما أوجب التغيير في سياسة إدارتها بمتابعة حريصة من وزير الشباب والرياضة وليس التنكيل برجالاتها يومياً!
تظلّ تظاهرات تشرين نقية من دنس المنتهزين المتقلّبين الذين لا يحبون الخير للعراق ، ففكر هؤلاء محشو بأنانية خاصة لا تتوّرع عن تخريب الرياضة وتصادم المؤسسات ونزف الثقة والمضي بأمل التغيير ، ولا يهمهم كم يخسر الوطن ، المهم كم يكسبون من دهاء الإبتزاز في الأزمات والمحن!