طالب عبد العزيز
في مشهد حقير، نشر على المواقع، يبين فيه ناشره قيام مجموعة من المسلحين، لا أعرف ما إذا كانوا من الشرطة أو الجيش أو المليشيات التابعة لإيران،
وهم يضربون متظاهراً، كان شاباً جميلاً، أنيق الثياب، يسرح شعره بلطف، وعيناه تبرقان إصراراً وهلعاً معاً، ومع أن الدم كان واضحاً في وجهه، ومع أنَّ ضربات ولكمات المسلحين بالعصي والأيدي والأحزمة انهالت عليه بقسوة، لم نعهدها إلا من أزلام النظام البعثي، إلا انه ظلَّ أنيقاً، لم تغير وحشية هؤلاء من جمال طلته.
سيكون اسم الشاب علياً أو عباساً أو حيدراً، وسيكون اسم المسلح، الذي يضربه كما كان واضحاً في المقطع علاءاً وحسيناً ومرتضى لتتضح الصورة أكثر، ونعرف من هو على مذهب ولاية الفقيه، ومن هو على مذهب الوطن؟ ولتضحك البهلوية الجديدة في إيران طويلاً، وليلصف السنُّ الذهبُ فقد ربح البيع، وصار الشيعة يضربون بعضهم في الشارع أمام الكاميرات، يساندها(البهلوية) أكابرهم في بغداد والنجف وكربلاء والبصرة والناصرية والعمارة، بانتظار اللحظة المناسبة لإنهاء العراق كله، لكن الأدوات في هذه المرة شيعية خالصة.
المشهد في العراق الجديد بحاجة الى توصيف آخر، نعم، قد تفلح قسوة المسلحين في قمع الشباب المسالم المتظاهر، المطالب بحقه في وطن مستقل، ينعم فيه الجميع إسوة بالعالمين، لكن، العصا والبندقية لن تظل مرفوعة الى الأبد، هناك من يسقطها في التاريخ، وسيكون يوم الخائن والعميل أكثر ذُلاً من أي يوم، هذا عراق يستله ابناؤه من الركام، وهذه الأرض لن تكون إلا عراقية، وهذا الدم سيقف عالياً وسينتصر، بكل تأكيد.
ربما يكون بعض المسلحين ممن لم يشهدوا نهاية البعثيين ورجال الأمن السابقين، أو أنهم يتغاضون عن الصورة تلك، لكنها ماثلة في أعين وأذهان العراقيين جميعاً، وما الشباب الجميل المنتفض إلا صورة العراق القادم، أنيقاً، نظيفاً، خالصاً في حبه لوطنه، غيوراً على ترابه، وستخسر البهلوية الجديدة كل قطعانها على أرضه. ما قدمه أولئك الشباب ليس هيناً، هذا دم خالص، لم تشبه العمالة بشبهة، ولم تدنسه الولاءات الخارجية.
كل ما يمكن أن تقوم به الحكومة هو تأخير سقوطها، وهذه حتمية يقر بها الجميع، بما فيها ساداتهم، ولم تعد القوة المسلحة ضامنة لبقاء الفاسدين والقتلة والعصابات، هناك زمن زوّله شباب مصرون على انتزاع وطنهم، أما التوقيت فهو مسألة في قبضة الشعب بأكمله، يصنعها أو يتعجل صناعتها بخروجه مع المتظاهرين، بوقوفه في الساحات والشوارع، بخاسرته أجرة اليوم واليومين، لكنه لا محالة سيكون المنتصر، وسيكون واحداً من أجمل شعوب الأرض، التي أصرّت على انتزاع أوطانها، على الرغم من وحشية السلطة، التي باتت خارج الزمن العراقي.