TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: أم سرحـــان .. سيرة امرأة عراقية

كلاكيت: أم سرحـــان .. سيرة امرأة عراقية

نشر في: 13 نوفمبر, 2019: 06:38 م

 علاء المفرجي

كرّس المخرج العراقي الشاب، عمر فلاح، اسمه بعدد من الأفلام القصيرة، التي نفّذها في الأعوام القليلة الماضية، إذ نالت جوائز في مهرجانات عديدة، منها:

"غنّي أغنيتك"، الفائز بالجائزة الثانية في "مهرجان الخليج السينمائي"، و"أبناء النهر"، الحاصل على جائزة الخنجر الذهبي في "مهرجان مسقط السينمائي الدولي"، و"احتجاج"، وغيرها.

في وثائقيّه الجديد "أم سرحان"، توثيق على مدى 15 عاماً حياة امرأة عراقية غير متعلّمة، تعيش في قرية تابعة لقضاء قلعة سِكر في محافظة ذي قار، وتكتشف صدفة أنّها تمتلك قدرة على النحت، ولديها موهبة الرسم بالفطرة، وذلك بفضل ابنها سرحان، أثناء مشاركته في أحد النشاطات المدرسيّة. أضاف: "بعد إصرارها على تطوير الموهبة، استطاعت تحقيق إنجازات مختلفة، بتنظيمها معارض عديدة، والاشتغال على منحوتات ولوحات فنية، جعلتها تتمسّك بموهبتها أكثر، فاندفعت لتطوير أدواتها تدريجاً.

لكنْ لسكان القرية التي تعيش فيها أم سرحان رأياً آخر مُعارض لما تقوم به، ففرضوا عليها أحد الخيارين: إمّا أنْ تتخلّى عن العمل الذي تقوم به، لأنّه لا يتماشى مع عاداتهم وتقاليدهم المحافظة، أو أنْ تترك القرية مع عائلتها. بعد تهديدات وإنذارات عديدة، غادرت أم سرحان القرية مع عائلتها، وانتقلت إلى بغداد، لأنها توفّر مناخاً أفضل لأمثالها.

يتابع الفيلم مواصلة أم سرحان تحقيق حلمها في أنْ تصبح نحّاتة، رغم الظروف الصعبة وغير المواتية بالنسبة إلى امرأة تعيش في الريف، وتُصبح أرملة لاحقاً. ويُظهر السرد الحكائي إصرار هذه المرأة العراقية على تحقيق هدفها، إيماناً منها بأنّه يُمكن المرأة أنْ تنال مكانتها، إذا انتزعت اعتراف المجتمع بموهبتها وحقّها في العطاء الإبداعي، ثقافياً وفنياً.

في معالجته هذه الحكاية، يسلّط الضوء على قدرة المرأة المبدعة على مواجهة ظروف صعبة تعيش في ظلّها، وإصرارها على تحدّي المشاكل والمعوقات التي تواجهها، وتجاوزها، ومواصلة طموحها، حتّى تحقيق أهدافها.

والفيلم يوثّق قصّتها، بتصويره مراحل كثيرة وعديدة، في فترات زمنية متباعدة، من حياتها اليومية، وبتوثيق المقابلات التي تتحدّث فيها عمّا واجهته من صعوبات. وأيضاً بتصوير المعارض التي أقامتها، وأعمالها الفنية من نحت ورسم، ومتابعة عملية انتقالها من القرية إلى بغداد. ورصد الفيلم، بأسلوبٍ واقعي وعفوي، تفاصيل كثيرة من حياتها اليومية، تُظهر المراحل والأحداث والانتقالات التي عاشتها أم سرحان وعائلتها، في 15 عاماً، وإقامتها معارض فنية في بغداد، وصنع اسم فني محترم في الوسط الفني العراقي، ثم إكمالها دراستها الأكاديمية.

في رؤيته الفنية للحكاية، صوّر عمر فلاح من دون سيناريو مسبق، أو تعليق على الأحداث، معتمداً أساساً على أحداثٍ درامية مستلّة من الواقع، صوّرها بشكلها العفوي والواقعي، وكانت أم سرحان بطلتها، وقد أبدت صبراً كبيراً في تصوير حياتها طوال الفترة المذكورة. ويُلاحظ في الفيلم التغيير الذي طرأ على شكلها ومظهرها وطريقة كلامها على مرّ السنين. وبين أول لقطة وآخر لقطة، يتحوّل سرحان من طفل إلى شاب، له موهبة الشعر، رغم المصاعب الكثيرة التي واجهت الجميع، "لأنّها امرأة منتمية إلى بيئة ريفية، لم نستطع الغوص في حياتها وأفكارها الخاصة. كذلك فإنّها تحفّظت عن أمور كثيرة أمام هيبة الكاميرا".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

باليت المدى: أسد عراقي في متحف

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram