محمد حمدي
على حين غُرّة ، وفي أجواء لا يمكن تخيلها تستحيل عَمّان الشمّاء الى بغداد وبصرة وبابل وكركوك ، فكلّ شيء بتلك الأمسية يوحي إليك إنّك في هذه المُدن تماماً أصوات ( هذا العراقي ) ،
( كلنا العراق ) في الملعب والشارع والمحال ومواكب السيارات المزينة بالعلم العراقي ، منظر آثار حماسة وتعاطف الجميع بلا استثناء ، نصرٌ نحن أحوج اليه في هذه الظروف وملامح أكيدة لطيِّ صفحة طويلة مظلمة يعود تأريخها الى عام 1986 لم تتحقق حتى بتنا ندّعي بأنها حُلم عراقي ، وها هو الحُلم يتحقّق الى المنتصف وإن كنّا نراه حقيقة باسقة كنخيل العراق.
نجوم العراق أبلوا بلاءً هائلاً أمام المُصنّف الأول آسيوياً منتخب إيران ، وتسيّدوا الملعب تماماً وانتصروا بلعب رجولي قلّ نظيره ، ووفقاً لعشرات النجوم السابقين والمحلّلين العراقيين والأجانب على حدٍّ سواء ، إن هذا الأداء الكبير والروح القتالية للاعبين ستكون مفتاح التأهل لمونديال قطر 2022 باقتدار ، فما يتبقّى لنا اليوم هي مباراة الفصل الكبيرة في إنطلاق المرحلة الثانية من تصفيات المجموعة الآسيوية الثالثة المزدوجة أمام منتخب البحرين الشقيق ، وأجد نفسي متطابقاً مع الإجابة الاحترافية للمدرب كاتانيتش الذي لم يعلّق كثيراً على مباراة إيران ، وآثر أن يكون حديثهُ وتركيزه منصبّاً باتجاه مباراة البحرين في عمّان أيضاً بعد غد الثلاثاء ، فهذه المباراة تنطوي على رسم شبه نهائي لشكل المترشح أولاً عن المجموعة .
طالما كانت الظروف مواتية تماماً والروح المعنوية في أوج عطائِها كنتيجة منطقية للفوز السابق يضاف لها السلاح الأمضى وهو دعم الجمهور الهائل في عمّان وبغداد - الدعم الذي كان له مفعول السحر طيلة 90 دقيقة من زمن المباراة السابقة – فلا بدَّ أن يكون بذات الوتيرة كما نشاهد ونرى هنا في عمّان جموع الجماهير العراقية الأصيلة التي قدِمَت من كل مكان لتشجيع المنتخب بقوة بعد أن استفزّهم قرار الفيفا والاتحاد الآسيوي بنقل مباريات العراق أمام إيران والبحرين من البصرة ، وبالتالي اختيار الأردن أرضاً بديلة لمنتخبنا الوطني في التصفيات .
بالتأكيد إن جميع الجهود قد تلاحمت باتجاه الفوز وتحقيقه، ولكن تأشير الحالات الإيجابية من الأمور التي يجب الإشارة اليها لتعزيزها، ومنها مبادرة وزارة الشباب والرياضة باستقدام وفد من اللاعبين الروّاد ونجوم المنتخبات الوطنية السابقين، فضلاً عن الإعلام الرياضي وهي خطوة دأبت الوزارة على تفعيلها بإشراف الوزير أحمد رياض العبيدي وتواصله الدائم مع الجميع.
كلمة حق تقال، إن مواجهة الجيل السابق من النجوم مع الجيل الحالي كان له أثر نفسي هائل أزال الكثير من ضغط المباراة عن نفوس لاعبينا ، ومنحهم شحنة إضافية من الطاقة والعمل الممنهج باتجاه الفوز الصريح، وقد جرى الإعداد بذات الهمّة والهدف لوفد جديد أيضاً بديل سيلتقي اللاعبين ويؤدي ما عليه قبيل مباراة البحرين المقبلة.
كلمة أخيرة لا بدَّ أن نوجّهها لملاك بعثة الاتحاد العراقي لمنتخبنا الوطني في عمّان بضرورة توخّي الحذر وعدم الانسياق بغزارة باتجاه الإعلام الخليجي بإفراط، فقد يؤثر سلباً بصورة وبأخرى على نجوم منتخبنا الوطني الذي يجب أن يبتعد تماماً عن المغريات والوعود بمكافآت مَن يسجّل الهدف وغيرها، وأعتقد أن لديكم من الخبرة والدراية ما يفي بالغرض المطلوب!