عامر القيسي
أحد شهداء الانتفاضة شاب لم يبلغ العشرين من عمره بعد ، وجِد في جيبه ألف دينار فقط وجهاز موبايل قديم لايوجد فيه رصيد ..!
هذا نموذج من العراقيين الذين اطلقت عليهم القوات الأمنية الرصاص في مواجهة احتجاجات شعبية هي الأولى من نوعها من حيث القوة والتاثير وغياب كلاسيكيات القيادة التي كانت تترك الشباب في منتصف الطريق بعد أن تؤمن حصصها من نظام المحاصصة منذ سقوط نظام صدام 2003 .
تحوّلت رسمياً الطبقة السياسية الحاكمة وتحديداً الاحزاب المتنفذة فيها من سلطة وطبقة سياسية فاشلة الى طبقة سياسية قاتلة ، بعد سقوط أكثر من مئة شهيد على أرصفة وشوارع المدن المحتجة ،فضلاً عن آلاف الشهداء وإصابات الكثير منهم خطرة تؤدي الى عوق مستدام !
ويأتيك مجلس الوزراء ليصدر قرارات بائسة بعقلية غير قادرة على فهم معطيات الانتفاضة ..ونسأل :
هل يوجد قرار واحد يتحدث عن محاربة الفساد ، أليس من شعارات الاحتجاج محاربة الفساد ؟ كلا !
هل توجد فقرة تقول سنحاسب من أطلق الرصاص أو أمر بإطلاقه على المحتجين؟ كلا!
المحتجون الذين كنسوا الأحزاب في ذي قار ..على ماذا فعلوا هذا ؟ أليس ضد الطبقة السياسية الحاكمة ؟ نعم !
ماذا بشأن قرارات سياسية لمعالجة الخلل السياسي في القوانين ومنها قانون الانتخابات البائس ؟ غائبة عن عقلية سلطة مازالت تعتقد أن الأزمة الحالية هي كهرباء وماء وتعيينات !!
قرارات تخديرية من الصعب تطبيقها في ميزانية للرواتب ، وحتى توزيع الأراضي من سيوفر لها شفافية التوزيع بوجود الفساد والمفسدين !!
حلقة مفرغة لطبقة سياسية ليست على قدر تحمل مسؤولية المرحلة !!
الأزمة الآن في وعي الطبقة السياسية الفاشلة والفاسدة وليس في وعي الناس ، طبقة لم تدرك حتى الآن إن القضية لم تعد قضية خدمات ، الأزمة الحقيقية في منظومة سياسية فاشلة ونهّابة للمال العام ، أضافت اليها الانتفاضة المباركة ، صفة القاتلة ، حين تعاملت مع المحتجين السلميين بالحديد والنار فسقط مئات الشهداء وآلاف الجرحى واكتظت بهم مستشفيات البلاد !
نعم أصبحت طبقة قاتلة ومجرمة يجب أن تقدم ليس للقضاء المحلي فقط وانما يحال المسؤولون فيها عن هذه الجرائم الى سوح القضاء الدولي ليحاكموا كمجرمي حرب بكامل التوصيف الأخلاقي والقضائي والقانوني والوطني..!!
الطبقة التي صدر منها أوامر إطلاق الرصاص على فقراء الوطن..وبينهم الصامتون على مسيل الدماء ..هذه الدماء التي انطقت خرساء بغداد بنص من نصوص الإبداع الشعبي في مواجهة السقوط الأخلاقي لطبقة لم تكتفِ بكل هذا الخراب فزادت عليه حروفاً مكتوبة بدماء البؤساء الزكية !
لكن هؤلاء البؤساء يقولون كلمتهم اليوم أمام طبقة سياسية تحوّلت من الفشل الى القتل ..القتل العلني المنظم والمدروس المنطلق من فوهات بنادق القناصين المترصدين لمن يريد حياة كريمة لشعب اتعبته حروب البوابات الشرقية والإرهاب والطائفية ..واليوم على يد السلطة الديمقراطية " المنبثقة " ياللفضيحة ، من صناديق الاقتراع !!
السؤال الأهم من كل تلك الأسئلة هو :
هل لهذه الطبقة بعد كل هذا القتل للمحتجين شرعية قيادة البلاد ؟