علي حسين
إذا أردت أن تعرف كيف تُدار السياسة في بلاد الرافدين، فإن مقررات اللقاء الذي أجرته الكتل السياسية منتصف ليلة أمس، تكفيك لتقف على أبعاد الانهيار التام لمفهوم الدولة ومؤسساتها وإداراتها.
تفاصيل ما جرى مضحكة، إذ تؤشر بوضوح إلى أن القوى السياسية لم تفهم الشعب حتى هذه اللحظة، وتصر على أن تحشر العراقيين في زاويةٍ ضيقةٍ تجعلهم يقولون: ليس في الإمكان أحسن مما كان!!.
ليس صحيحاً أن فكرة إجراء اللقاء ولدت من أجل معالجة حالة الاحتقان الشعبي التي تمر بها البلاد، بل إن القصة بأكملها محاولة لمنح حكومة عادل عبد المهدي جرعة حياة.. رغم أن الحكومة ماتت منذ اللحظة الأولى التي سقط فيها أول شهيد في إحدى ساحات الاحتجاج.
وبحسب البيان الذي قيل لنا إنه ناقش خارطة طريق من 40 نقطة، فإن نقطة واحدة تأخذ بثأر الـ350 شهيدا غابت عن الوثيقة ، التي أُريد لها أن لا تختلف باللون والطعم والرائحة عن وثيقة الشرف التي عشنا معها عام 2013 فاصلا كوميديا شهيرا.
السادة الموقعون على الوثيقة الجديدة يصرّون على العمل بموجب الديمقراطية العراقية التي تقتضي أن يربحوا الانتخابات كما ربحوها من قبل، والديمقراطية التي يتمسك بها ساسة العراق، لم يضعها إفلاطون في جمهوريته، وإنما وضعها المفكر عبد الكريم خلف الذي يصرّ على أنّ الاحتجاج والتظاهر هما، نوعان من أنواع الإرهاب يجب أن يُضرب أصحابه بالرصاص الحي، وبقنابل صناعة "الطرف الثالث".
الذين أحكموا الخراب على العراق وأقاموا دولة الفساد وسدوا كل الأبواب والنوافذ أمام المستقبل، والذين طاردوا المتظاهرين الشباب في الشوارع والساحات، والذين قالوا إن هذا الشعب مجموعة رعاع ومكانهم القبر، والذين هرّبوا المليارات، والذين تصدّروا المشهد السياسي بفضل أصوات البسطاء من الناس، أصروا على أن يجعلوا منا أقواما كسيحة وفقيرة وعاجزة، تتلفت حولها، تتوجس من جارها، وتخشى مصافحة الآخرين لأنهم لا ينتمون إلى نفس الطائفة .
16 عاماً وتجمعاتنا السياسية تفترض أننا مجموعة من المختلّين عقليا .
16 عاماً ونحن نعيش في ودولة تخاف من عازفة موسيقى، وأحزاب تغذّي نفسها من أموال السحت الحرام، فيما المواطن وحيداً في الشارع ينتظر من يؤمِّن له حياته وينشر الأمل والتسامح .
16 عاماً ولم يعط النظام السياسي الجديد، العراقيين ما يمكن أن يتعلّقوا به أكثر من مصطلحات عن الانبطاح والتوازن والأغلبية والتوافقية.
16 عاماً أمضيناها معهم في معارك طائفية، ليست بينها معركة واحدة من أجل المستقبل.
16 عاماً من العمر.. والعمر به كم 16 عاماً ياسادة حتى تريدون منّا أن نستبدل قاسم عطا ، بـ عبد الكريم خلف ماركة عادل عبد المهدي؟!
جميع التعليقات 1
نهله الاعظمي
سياسيوا الصدفة اللذين ابتلى بهم العراق أغتالوا مستقبل الشباب وجاءوا بعبد المهدي ليغتالهم وكل ما يجمعون عليه لا يرضي المتظاهرون لانهم كذابون اغبياء