TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: قُـمْ لصفاء السراي ورفاقه

العمود الثامن: قُـمْ لصفاء السراي ورفاقه

نشر في: 25 نوفمبر, 2019: 10:21 م

 علي حسين

في فرنسا، بلد العجائب والغرائب، ظهرت خلال العام الماضي حركة احتجاج أطلقت على نفسها اسم "السترات الصفراء"، قام بها في بادئ الأمر عدد كبير من سواق سيارات الأجرة للتنديد بارتفاع أسعار الوقود،

وقد انضم اليها فيما بعد العمال والطلبة وكل الذين وجدوا في قوانين الدولة وقراراتها تحيزا للأغنياء، وكتب المتظاهرون منشورات على صفحات الفيسبوك وفي الصحف منحوا من خلالها درجة صفر لمعظم وزراء فرنسا، فيما طالبوا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن يقدم استقالته.

وكنت وانا اتابع حركة السترات الصفراء أسأل نفسي أين نحن مما يجري في بلدان العالم؟.. وهل سيظل هذا الشعب صامتا؟، يستمع لخطب صبيان السياسة وينتظر ظهيرة كل جمعة ماذا سيقولون له .. ويعتقد أن الخلاص في وظيفة شرطي يدفع من أجلها آلاف الدولارات.. أين هم شبابنا وطلبتنا؟، أين دورهم"، لماذا لم يساهموا في إشعال الغضب ضد الفساد والمحاصصة الطائفية والخراب الذي عشّشَ في المؤسسات التربوية؟ ، ولم أكن ادري أن بشائر تشرين المباركة ستهل علينا ليثبت شباب العراق أنهم الأقدر على صنع مستقبل البلاد، وليعيدوا اكتشاف روحية هذا الشعب ونقاء سريرته. 

ولعل قيمة هذه الاحتجاجات أنها أثبتت أننا شعب لم يُفسد برغم سياسات الإفساد والانتهازية وخطب الطائفية اللعينة ومنهاج المحاصصة الذي مورس عليه طوال 16 عاما .هذا الشعب لم يفسد ولم يقبل أن يكون طائفيا رغم أنهم لقنوه تعليما فاسدا، وأصروا على أن يفسدوا قيمه الثقافية.. وحاولوا أن يطعموه غذاء طائفيا فاسدا، منتهي الصلاحية.. 

وأنت تشاهد صور ساحة التحرير والحبوبي واحتجاجات البصرة والديوانية والنجف وميسان والسماوة وبابل وذي قار تدهشك هذه الاستعادة السريعة لأجمل ما في الشخصية العراقية وأعني به حاستها الوطنية، في لحظة تصور فيها زعاطيط السياسة أنهم قتلوا جوهر هذا الشعب ووجدانه، وأحرقوا مساحات الوطنية فيه.

فى قلب عتمة وثائق الشرف وخطابات منتصف الليل، وألاعيب الانتهازيين لشيطنة الاحتجاجات.. ووسط غبار من المؤتمرات التي لا تصلح للاستخدام البشري، وفي ظل مخطط شديد الانحطاط للقضاء على المتظاهرين، يأتي شباب عراقيون ناصعو الضمير، يتحدثون فتصدقهم الناس، فتنبعث الانتفاضة من سكونها على نحو أوسع وأجمل وأكثر إصرارا على انتزاع الحق، وملامسة المستحيل، والاصرار على تحقيق الحلم ، بالكنس الشامل لكل انتهازيي السلطة.

إنها الانتفاضة المقدسة التي اختطف شعلتها شباب بعمر الزهور كان الشهيد صفاء السراي قد أصبح أيقونتها، هذه الشعلة المقدسة التي تلقفتها الجماهير فتدفقت ا في ساحات الوطن بعد أن تصور حيتان الخراب أنهم استطاعوا أن يحاصروا روح الاحتجاج والرفض في نفوس العراقيين، ليقدم لنا صفاء ورفاقه الدرس البليغ بالدفاع عن الحق والتمسك به والاستشهاد من أجله. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram