علي حسين
منذ أن اختفى"الببغاء" عبد الكريم خلف، لم نعثر على مشهد كوميدي يريح النفس، حتى ظهر أمس مكتشف "النستلة" جلال الدين الصغير،
وهو يسخر من سيدة من ذي قار، جريمتها الوحيدة أنها طلبت من أشقاء لها بالوطن في الأنبار أن يمدوا يد العون لإخوتهم في الناصرية، وذكرتهم بأن أهالي الجنوب وقفوا وقفة رجل واحد في الدفاع عن الأنبار والموصل وصلاح الدين لتحرير مدنهم من عصابات داعش.. الصغير وكعادته تعامل بطائفيّة مع الأمر، متهما السيدة بأنها تريد أن تحرض الناس من أجل أن يقتحموا السجن لأن لديها إخوان دواعش معتقلين.. أما مثقفو الطائفية والبعض منهم أساتذة جامعة فقد نسجوا قصة خيالية عن المرأة التي غيرت اسمها من أجل أن تنقذ زوجها الداعشي المحكوم في سجن الناصرية، خيال عظيم، كان يمكن أن يصنع منهم روائيين ينافسون المرحوم ماركيز في قصصه العجيبة، هل هناك تفسير معقول لهذا الانحطاط "النخبوي" الذي يظهر في صفحات البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، قد نعذر جلال الدين الصغير الذي يحاول دائما الاندماج في الأدوار الكوميدية، إلّا أنّ المثير هو الأدوار التي تخرج عن الخط الكوميدي لتذهب باتجاه المأساة.
المؤسف، دائماً، أنّ البعض ينسى، أو يجهل، في خضمّ الحماسة لهذا الحزب أو الدفاع عن هذه الطائفة أو الولاء لهذا الزعيم، مصير بلد بأكمله عانى ويعاني من "هلوسات" السياسيين، بعض المعلّقين سيظنّون أنني من المرحّبين بالعقوبات الأميركية، لا ياسادة أنا فقط أريد أن أسأل: منذ متى لم نسمع صوتاً لسياسي أو مسؤول حزبي يُندّد بما يجري من انتهاك لآدميّة العراقي؟، منذ متى لم نشاهد صورة لسياسيّ عراقيّ يدافع عن حق المواطن العراقي في العيش بكرامة ورفاهية؟.
ولأنني مثل ملايين العراقيين أعرف أن السيد جلال الصغير ومعه مشعلي فتن الطائفية سيستخدمون حكاية سيدة الناصرية مادة في جلسات السمر، وسيخلدون بعدها إلى النوم العميق، بعد أن يوهموا العراقيين بأنهم اكتشفوا الحقيقة، وأن هذه المرأة أرادت أن تضحك على العراقيين، بدليل أنها عاشت سنوات في ذي قار لكي تتقن لهجة أهالي الناصرية، ولهذا كان لا بد من أن تكشف مؤامرتها التي تريد تعطيل عجلة الإعمار وبناء ناطحات السحاب في الناصرية.
يكتب آينشتاين أن الكذب هو كل ما لدى الإنسان الفاشل، فهو يتصور أنه يستطيع خداع الناس بأن يحاول صرف أنظارهم عن الحقيقة، ليستبدلها بمنطق الخرافة، وإلّا كيف تسنّى للسيد الصغير أن يعرف أن السيدة لديها أشقاء دواعش؟، وكيف عرف أستاذ الأدب أن زوجها مسجون؟.. للأسف يعتقد الصغير أن الإصرار على الكذب والإكثار منه يحوله إلى حقيقة. إلا إذا كان يريد أن يلقب بالشيخ غوبلز.