إياد الصالحي
عائدون بكأس الخليج ، طالَ غيابها عن بغداد .. بهذه الروحية الكبيرة ، يعتزمُ أسود الرافدين تتمّة المشوار الباهر في العاصمة القطرية الدوحة التي شهدت أول مشاركة لهم عام 1976 بين أهلهم الخليجيين ،
وداوتْ جراح فراقهم عام 2004 وأسعدتهم بقرار إناطة البصرة تنظيم النسخة 25 ، وما هي إلا خطوتين ويستعدّون لموقعة النهائي وهم في قمة التحدي لانتزاع اللقب الرابع الذي تؤكد أغلب الأصوات العقلانية في طرحها أنه مفصّل عليهم كأبطال حقيقيين استمدّوا قوّتهم من صيحات ملايين الشباب في ساحات الاحتجاج مطالبين بحقوقهم ، وحان موعد مكافأة صبرهم بهدية الكأس وما أحوجهم لها كحافز معنوي يرتشفون منها جُرعات الأمل المرتقب.
وسيكون لقاء اليوم أمام المنتخب اليمني فرصة لتعزيز الصدارة بالنقطة التاسعة ، والمضي بثقة أكبر للدور نصف النهائي ، ولا يختلف أثنان على أن المنتخب الشقيق لم يُظهر رُبع المستوى الذي قدّمه في النسخ الماضيات بسبب ظروف بلاده الصعبة ، وصحيح أيضاً أن شباكه مُزّقتْ تسع مرات وسط ذهول مدرّبه المجتهد سامي النعاش ، لكنه يمتلك عناصر شبابية تسعى لامتلاك الخبرة وسيكون لها شأنها في سنين قريبة ، هذه العناصر تؤمِن بفارق المستوى الفني مع العراق وتحاول اليوم أن تترك انطباعاً جيداً قبل وداعها البطولة حسبما أكد اللاعب عبدالواسع المطري بأنه ورفاقه سيلعبون الجولة الأخيرة من أجل حفظ ماء الوجه ، ولهذا فالأفراط في التفاؤل له عواقب وخيمة على منتخبنا ، ينبغي الحذر واللعب وفقاً لمبدأ اللعبة باحترام المنافس حتى الدقيقة الاخيرة لتفادي أية مفاجأة تعكّر صفو الأسود قبيل تأهّبهم لموقعة مربّع الكأس.
ربما نجح كاتانيتش في تصنّع اللامبالاة إزاء ما يوجّه له من أسئلة عمّا يُكتب في الصحافة العراقية أثناء تغطيتها لمشاركة المنتخب في البطولة 24 وانتقاداتها الصريحة له ، وردَّ بأن "تهديدات الصحافة لا تهمّني" لكنه لم يستطع إخفاء شعوره بالقلق من عملية تسريب تشكيلته قبل كل مباراة ووصف ذلك (غباء) و(تصرّف غير احترافي) ! ونحن نقول له : أهدأ يا كاتانيتش .. فالمهمّة لم تنتهِ بعدْ ، لا ولم تهدّد الصحافة العراقية أحداً قبلك ولا بعدك ، أبحث عمّن يخون شرف المهنة قُربك ، الصحافي العراقي لم يدسَّ أنفه في موضوع فني حِكر بينك وبين ملاكك المساعد ، كيف تتسرّب القوائم إذا كنت حريصاً وواثقاً من عملك ومن يشاركك وضع الخطة والأسلوب؟ من المُعيب أن يُثار موضوع كهذا في الوسط الإعلامي للبطولة دون أن يتخذ اتحاد كرة القدم إجراء فورياً يمنع تكراره ولا يسمح بحدوث خرق في البعثة ، فمن المستحيل أن تجده هذا الأمر لدى البعثات الأخرى خاصة في مسألة استباحة الفكر الفني للمنتخب على كل المواقع الالكترونية وتطبيقات الأجهزة الذكية؟
بدوره أسهم الجمهور العراقي سواء المقيم على أرض قطر أو الوافد لغرض السياحة ومتابعة البطولة الخليجية 24 في تثوير العامل النفسي إيجابياً للاعبينا طوال الاشواط الأربعة لمباراتي قطر والإمارات ولم تذهب جهوده هباء ، وكان الهتاف الخالد ( هيه هيه .. هسّة يجي الثاني) يثير حماسة اللاعبين ، بل هو سرّ وجداني له مفعول السحر لديهم منذ أن ردّده الجمهور أول مرة تفاعلاً مع الأهداف السبعة التي هزّت شباك السعودية في الأول من نيسان عام 1976 هنا في الدوحة لمناسبة خليجي 4 عبر (كاظم وعل د3 ، صباح عبد الجليل د5 ، فلاح حسن د24 ، علي كاظم د45 و60 و66 ، وأخيراً أحمد صبحي د92 ) أما اليوم أصبح هتاف ( ابو التُكتُك بطل .. بطل والله بطل ) الهتاف الأميز الذي حمّس الجمهور الخليجي تضامناً مع المواقف البطولية التي يسطّرها الشباب كل لحظة ، وتلتهب المدرجات تصفيقاً وصياحاً في أجواء تنصهر فيها الأحزان مع الأفراح على وقع أداء رجولي للاعبي المنتخب كأنهم يكرّمون (أبو التُكتُك) بأهداف الفوز أملاً بإحضار كأس البطولة "الهدية الكبرى" إلى ساحة التحرير.
قريباً من المنطقة الفنية ، شخصياً متعاطف جداً مع المدرب الكويتي ثامر عناد كونه مدرباً وطنياً عربياً يذكّرنا بما صنعه رفاق التدريب العرب في البطولات السابقة ممن تركوا مساحات مليئة بالنجاح في مشاويرهم مع منتخباتهم. فقد عاند الحظ ثامر عناد أمام عُمان ، مع أنه لعب بالتشكيل نفسه الذي خاض غمار بطولة الكويت 23 عام 2017 وقدّم اللاعبون أنفسهم أمام السعودية خير سفراء للكرة الكويتية في لقاء الأربعاء الماضي وتوّجوه بثلاثة أهداف مقابل هدف ، لكن عناد أخفق في إخراج الأزرق من هالات المديح فترنّح أمام الأحمر بثنائية أمس الأول لم يشفع هدف يوسف ناصر في مضاعفة الجهود والحصول على النقطة ، فكان الدرس بليغاً له لاستدراك الحلول ، فهو من المدربين المجتهدين الذين يستحقون الوصول الى المنصّة الخليجية المُفاخِرة بأمجاد الراحل عموبابا المدرب التاريخي للعراق والذي تفرّد بانتزاع اللقب الخليجي ثلاث مرات بلا منافس أعوام 1979 و1984 و1988.
عتمة : في الوقت الذي يسعى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إلى بلوغ الحكام مستويات عالمية تتيح لهم فرص الظهور في بطولات كأس العالم ، لم يزل الاتحاد الخليجي لكرة القدم يستعين بحكام من فرنسا وبلجيكا والبرتغال وسويسرا لإدارة لقاءات البطولة 24 ، ومنهم من لديه خبرة في تقنية الفيديو ، وكان عليه أن يزيد من ثقة الحكم الخليجي بشخصيته القوية وحنكته ونزاهته دعماً من الاتحاد لتجاربه الناجحة.